responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 230
الكتمان- فالمعنى- أعلم ما تبدون قبل أن تبدوه وأعلم ما تستمرون على كتمانه، وذكر الساليكوتي أن كلمة- كان- صلة غير مفيدة لشيء إلا محض التأكيد المناسب للكتمان، ثم الظاهر من الآية العموم ومع ذلك ما لا تَعْلَمُونَ أعم مفهوما لشموله- غيب الغيب- الشامل لذات الله تعالى وصفاته- وخصها قوم- فمن قائل: غَيْبَ السَّماواتِ أكل آدم وحواء من الشجرة، وغيب الْأَرْضِ قتل قابيل هابيل، ومن قائل: «الأول» ما قضاه من أمور خلقه «والثاني» ما فعلوه فيها بعد القضاء، ومن قائل: «الأول» ما غاب عن المقربين مما استأثر به تعالى من أسرار الملكوت الأعلى «والثاني» ما غاب عن أصفيائه من أسرار الملك الأدنى وأمور الآخرة، والأولى- وما أبدوه- قبل قولهم أَتَجْعَلُ فِيها وما كتموه، قولهم: لن يخلق الله تعالى أكرم عليه منا، وقيل: ما أظهروه بعد من الامتثال. وقيل: ما أسره إبليس من الكبر، وإسناد الكتم إلى الجميع حينئذ من باب- بنو فلان قتلوا فلانا والقاتل واحد منهم- ومعنى الكتم على كل حال عدم إظهار ما في النفس لأحد ممن كان في الجمع، وليس المراد أنهم كتموا الله تعالى شيئا بزعمهم- فإن ذلك لا يكون حتى من إبليس- وأبدى سبحانه العامل في ما تُبْدُونَ إلخ اهتماما بالإخبار بذلك المرهب لهم- والظاهر عطفه على الأول- فهو داخل معه تحت ذلك القول، ويحتمل أن يكون عطفا على جملة أَلَمْ أَقُلْ فلا يدخل حينئذ تحته.
وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ الظرف متعلق بمقدر دل عليه الكلام- كانقادوا وأطاعوا- والعطف من عطف القصة على القصة وفي كل تعداد النعمة- مع أن الأول تحقيق للفضل وهذا اعتراف به- ولا يصح عطف الظرف على الظرف بناء على اللائق الذي قدمناه لاختلاف الوقتين، وجوز على أن نصب السابق بمقدر، والسجود في الأصل تذلل مع انخفاض بانحناء وغيره، وفي الشرع وضع الجبهة على قصد العبادة- وفي المعنى المأمور به هنا خلاف- فقيل: المعنى الشرعي، والمسجود له في الحقيقة هو الله تعالى- وآدم إما قبلة أو سبب- واعترض بأن لو كان كذلك ما امتنع إبليس، وبأنه لا يدل على تفضيله عليه السلام عليهم. وقوله تعالى: أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ [الإسراء: 62] يدل عليه- ألا ترى أن الكعبة ليست بأكرم ممن سجد إليها- وأجيب بالتباس الأمر على إبليس، وبأن التكريم يجعله جهة لهذه العبادة دونهم، ولا يخفى ما فيه من الدلالة على عظمة الشأن- كما في جعل الكعبة قبلة من بين سائر الأماكن- ومن الناس من جوّز كون المسجود له آدم عليه السلام حقيقة مدعيا أن السجود للمخلوق- إنما منع في شرعنا- وفيه أن السجود الشرعي عبادة، وعبادة غيره سبحانه شرك محرم في جميع الأديان والأزمان- ولا أراها حلت في عصر من الأعصار. وقيل: المعنى اللغوي- ولم يكن فيه وضع الجباه- بل كان مجرد تذلل وانقياد، فاللام إما باقية على ظاهرها، وإما بمعنى- إلى- مثلها في قول حسان رضي الله عنه:
أليس أول من صلى «لقبلتكم» ... وأعرف الناس بالقرآن والسنن
أو للسببية، مثلها في قوله تعالى: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ [الإسراء: 78] وحكمة الأمر بالسجود إظهار الاعتراف بفضله عليه السلام، والاعتذار عما قالوا فيه مع الإشارة إلى أن حق الأستاذ على من علمه حق عظيم، وغير سبحانه الأسلوب حيث قال أولا: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ وهنا وَإِذْ قُلْنا- بضمير العظمة- لأن في الأول خلق آدم واستخلافه. فناسب ذكر الربوبية مضافا إلى أحب خلفائه إليه- وهنا المقام مقام إيراد أمر يناسب العظمة- وأيضا في السجود تعظيم، فلما أمر بفعله لغيره أشار إلى كبريائه الغنية عن التعظيم. وقرأ أبو جعفر بضم تاء «الملائكة» اتباعا لضم الجيم، وهي لغة أزد شنوءة وهي لغة غريبة عربية- وليست بخطأ كما ظن الفارسي- فقد روي أن امرأة رأت بناتها مع رجل، فقالت- أفي السوأ نتنه- تريد أفي السوأة أنتنه.
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 230
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست