responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 3  صفحه : 1784
وهذا ينطبق سواء كان المعبودون حجارة أو أشجاراً أو كواكب. أو كانوا من البشر- بما في ذلك عيسى عليه السلام، فهو ببشريته محتاج إلى هداية الله له، وإن كان هو قد بعث هادياً للناس- ومن عدا عيسى عليه السلام أولى بانطباق هذه الحقيقة عليه:
«فَما لَكُمْ؟ كَيْفَ تَحْكُمُونَ؟» ..
ما الذي وقع لكم وما الذي أصابكم؟ وكيف تقدرون الأمور، فتحيدون عن الحق الواضح المبين؟
فإذا فرغ من سؤالهم وإجابتهم، وتقرير الإجابة المفروضة التي تحتّمها البديهة وتحتّمها المقدمات المسلمة..
عقب على هذا بتقرير واقعهم في النظر والاستدلال والحكم والاعتقاد. فهم لا يستندون إلى يقين فيما يعتقدون أو يعبدون أو يحكمون، ولا إلى حقائق مدروسة يطمئن إليها العقل والفطرة، إنما يتعلقون بأوهام وظنون، يعيشون عليها ويعيشون بها وهي لا تغني من الحق شيئا.
«وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا. إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً. إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ..» .
فهم يظنون أن لله شركاء. ولا يحققون هذا الظن ولا يمتحنونه عملاً ولا عقلاً. وهم يظنون أن آباءهم ما كانوا ليعبدوا هذه الأصنام لو لم يكن فيها ما يستحق العبادة: ولا يمتحنون هم هذه الخرافة، ولا يطلقون عقولهم من إسار التقليد الظني. وهم يظنون أن الله لا يوحي إلى رجل منهم، ولا يحققون لماذا يمتنع هذا على الله.
وهم يظنون أن القرآن من عمل محمد ولا يحققون إن كان محمد- وهو بشر- قادراً على تأليف هذا القرآن، بينما هم لا يقدرون وهم بشر مثله.. وهكذا يعيشون في مجموعة من الظنون لا تحقق لهم من الحق شيئاً. والله وحده هو الذي يعلم علم اليقين أفعالهم وأعمالهم..
«إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ» ..
وتفريعاً على هذا التعقيب، يأخذ بهم السياق في جولة جديدة حول القرآن تبدأ بنفي التصور لإمكان أن يكون القرآن مفترى من دون الله، وتحديهم أن يأتوا بسورة مثله. وتثني بوصمهم بالتسرع في الحكم على ما لم يعلموه يقيناً أو يحققوه. وتثلث بإثبات حالتهم في مواجهة هذا القرآن، وتثبيت الرسول- صلى الله عليه وسلم- على خطته أياً كانت استجابتهم أو عدم استجابتهم له، وتنتهي بالتيئيس من الفريق الضال والإيماء إلى مصيرهم الذي لا يظلمهم الله فيه وإنما يستحقونه بما هم فيه من ضلال:
«وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ: افْتَراهُ؟ قُلْ: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ، وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ. كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ. وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ: لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ، أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ، أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ؟ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ، أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ؟ إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً. وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» ..
«وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ» ..
فهو بخصائصه، الموضوعية والتعبيرية. بهذا الكمال في تناسقه وبهذا الكمال في العقيدة التي جاء بها،
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 3  صفحه : 1784
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست