responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 3  صفحه : 1783
«كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ» ..
لا لأنه يمنعهم من الإيمان. فهذه دلائله قائمة في الكون، وهذه مقدماته قائمة في اعتقادهم. ولكن لأنهم هم يحيدون عن الطريق الموصل إلى الإيمان، ويجحدون المقدمات التي في أيديهم، ويصرفون أنفسهم عن الدلائل المشهودة لهم، ويعطلون منطق الفطرة القويم فيهم.
ثم عودة إلى مظاهر قدرة الله، وهل للشركاء فيها من نصيب.
«قُلْ: هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ؟ قُلِ: اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ. فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ؟ قُلْ: هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ؟ قُلِ: اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى؟ فَما لَكُمْ؟ كَيْفَ تَحْكُمُونَ؟» ...
وهذه الأمور المسئول عنها- من إعادة الخلق وهدايتهم إلى الحق- ليست من بدائه مشاهداتهم ولا من مسلمات اعتقاداتهم كالأولى. ولكنه يوجه إليهم فيها السؤال ارتكاناً على مسلماتهم الأولى، فهي من مقتضياتها بشيء من التفكر والتدبر. ثم لا يطلب إليهم الجواب، إنما يقرره لهم اعتماداً على وضوح النتائج بعد تسليمهم بالمقدمات.
«قُلْ: هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ؟» ..
وهم مسلمون بأن الله هو الذي يبدأ الخلق غير مسلمين بإعادته، ولا بالبعث والنشور والحساب والجزاء..
ولكن حكمة الخالق المدبر لا تكمل بمجرد بدء الخلق ثم انتهاء حياة المخلوقين في هذه الأرض، ولم يبلغوا الكمال المقدر لهم، ولم يلقوا جزاء إحسانهم وإساءتهم، وسيرهم على النهج أو انحرافهم عنه. إنها رحلة ناقصة لا تليق بخالق مدبر حكيم. وإن الحياة الآخرة لضرورة من ضرورات الاعتقاد في حكمة الخالق وتدبيره وعدله ورحمته. ولا بد من تقرير هذه الحقيقة لهم وهم الذين يعتقدون بأن الله هو الخالق، وهم الذين يسلمون كذلك بأنه يخرج الحي من الميت. والحياة الأخرى قريبة الشبه بإخراج الحي من الميت الذي يسلمون به:
«قُلِ: اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ» ..
وإنه لعجيب أن يصرفوا عن إدراك هذه الحقيقة ولديهم مقدماتها:
«فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ» ..
فتوجهون بعيداً عن الحق إلى الإفك وتضلون؟
«قُلْ: هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ؟» ..
فينزل كتاباً، ويرسل رسولاً، ويضع نظاماً، ويشرع شريعة، وينذر ويوجه إلى الخير ويكشف عن آيات الله في الكون والنفس ويوقظ القلوب الغافلة، ويحرك المدارك المعطلة. كما هو معهود لكم من الله ومن رسوله الذي جاءكم بهذا كله وعرضه عليكم لتهتدوا إلى الحق؟ وهذه قضية ليست من سابق مسلماتهم، ولكن وقائعها حاضرة بين أيديهم. فليقررها لهم الرسول- صلى الله عليه وسلم- وليأخذهم بها:
«قُلِ: اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ» ..
ومن هذه تنشأ قضية جديدة، جوابها مقرر:
«أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ؟ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى؟» ..
والجواب مقرر. فالذي يهدي الناس إلى الحق أولى بالاتباع، ممن لا يهتدي هو بنفسه إلا أن يهديه غيره..
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 3  صفحه : 1783
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست