responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 2  صفحه : 840
والمسافة الشاسعة بين درك الجاهلية، وأفق الإسلام هي المسافة بين قول الجاهلية المأثور: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً» . وقول الله العظيم: «وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا. وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى، وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ» .
وشتان شتان! ثم يأخذ السياق في تفصيل ما استثناه في الآية الأولى من السورة من حل بهيمة الأنعام:
«حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ، وَالدَّمُ، وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ، وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ، وَالْمُنْخَنِقَةُ، وَالْمَوْقُوذَةُ، وَالْمُتَرَدِّيَةُ، وَالنَّطِيحَةُ، وَما أَكَلَ السَّبُعُ- إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ- وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ، وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ.. ذلِكُمْ فِسْقٌ.. الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي، وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً.. فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ- غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ- فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» .
والميتة والدم ولحم الخنزير، سبق بيان حكمها، وتعليل هذا الحكم في حدود ما يصل إليه العلم البشري بحكمة التشريع الإلهي، عند استعراض آية سورة البقرة الخاصة بهذه المحرمات (ص 156- ص 157 من الجزء الثاني من الظلال) وسواء وصل العلم البشري إلى حكمة هذا التحريم أم لم يصل، فقد قرر العلم الإلهي أن هذه المطاعم ليست طيبة وهذا وحده يكفي. فالله لا يحرم إلا الخبائث. وإلا ما يؤذي الحياة البشرية في جانب من جوانبها. سواء علم الناس بهذا الأذى أو جهلوه.. وهل علم الناس كل ما يؤذي وكل ما يفيد؟! وأما ما أهل لغير الله به، فهو محرم لمناقضته ابتداء للإيمان. فالإيمان يوحد الله، ويفرده- سبحانه- بالألوهية ويرتب على هذا التوحيد مقتضياته. وأول هذه المقتضيات أن يكون التوجه إلى الله وحده بكل نية وكل عمل وأن يهل باسمه- وحده- في كل عمل وكل حركة وأن تصدر باسمه- وحده- كل حركة وكل عمل. فما يهل لغير الله به وما يسمى عليه بغير اسم الله (وكذلك ما لا يذكر اسم الله عليه ولا اسم أحد) حرام لأنه ينقض الإيمان من أساسه ولا يصدر ابتداء عن إيمان.. فهو خبيث من هذه الناحية يلحق بالخبائث الحسية من الميتة والدم ولحم الخنزير.
وأما المنخنقة (وهي التي تموت خنقاً) والموقوذة (وهي التي تضرب بعصا أو خشبة أو حجر فتموت) والمتردية (وهي التي تتردى من سطح أو جبل أو تتردى في بئر فتموت) والنطيحة (وهي التي تنطحها بهيمة فتموت) وما أكل السبع (وهي الفريسة لأي من الوحش) .. فهي كلها أنواع من الميتة إذا لم تدرك بالذبح وفيها الروح: (إلا ما ذكيتم) فحكمها هو حكم الميتة.. إنما فصل هنا لنفي الشبهة في أن يكون لها حكم مستقل..
على أن هناك تفصيلاً في الأقوال الفقهية واختلافاً في حكم «التذكية» ، ومتى تعتبر البهيمة مذكاة فبعض الأقوال يخرج من المذكاة، البهيمة التي يكون ما حل بها من شأنه أن يقتلها سريعاً- أو يقتلها حتماً- فهذه حتى لو أدركت بالذبح لا تكون مذكاة. بينما بعض الأقوال يعتبرها مذكاة متى أدركت وفيها الروح، أياً كان نوع الإصابة.. والتفصيل يطلب في كتب الفقة المختصة..
واما ما ذبح على النصب- وهي أصنام كانت في الكعبة وكان المشركون يذبحون عندها وينضحونها بدماء الذبيحة في الجاهلية، ومثلها غيرها في أي مكان- فهو محرم بسبب ذبحه على الأصنام- حتى لو ذكر اسم الله عليه، لما فيه من معنى الشرك بالله.
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 2  صفحه : 840
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست