responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 188
مَحَلِّ نَصْبٍ بِالْفِعْلِ الَّذِي قَبْلَهُ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لَمَّا زَيَّفَ سُبْحَانَهُ طَرِيقَةَ عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ صَرَّحَ بِمَا هُوَ الْحَقُّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَهُوَ وَحْدَانِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا لِأَجْلِهِ أَصَرَّ الْكُفَّارُ عَلَى شِرْكِهِمْ فَقَالَ: فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ لِلْوَحْدَانِيَّةِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهَا وَعْظٌ وَلَا يَنْجَعُ فِيهَا تَذْكِيرٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ عَنْ قَبُولِ الْحَقِّ، مُتَعَظِّمُونَ عَنِ الْإِذْعَانِ لِلصَّوَابِ، مُسْتَمِرُّونَ عَلَى الْجَحْدِ لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ قَالَ الْخَلِيلُ: لَا جَرَمَ كَلِمَةُ تَحْقِيقٍ وَلَا تَكُونُ إِلَّا جَوَابًا، أَيْ: حَقًّا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ مِنْ أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَمَا يُعْلِنُونَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ مَرَّ تَحْقِيقُ الْكَلَامِ فِي لَا جَرَمَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ أَيْ: لَا يُحِبُّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَالِاسْتِجَابَةِ لِأَنْبِيَائِهِ، وَالْجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِمَا تَضَمَّنَهُ الْكَلَامُ الْمُتَقَدِّمُ وَإِذا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ أَيْ: وَإِذَا قَالَ لِهَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ الْمُنْكِرِينَ الْمُسْتَكْبِرِينَ قَائِلٌ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ؟ أَيْ:
أَيَّ شَيْءٍ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ؟ أَوْ مَاذَا الَّذِي أَنْزَلَ؟ قِيلَ: الْقَائِلُ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ وَالْآيَةُ نَزَلَتْ فِيهِ، فَيَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ عَلَى طَرِيقِ التَّهَكُّمِ وَقِيلَ: الْقَائِلُ هُوَ مَنْ يَفِدُ عَلَيْهِمْ وَقِيلَ: الْقَائِلُ الْمُسْلِمُونَ، فَأَجَابَ الْمُشْرِكُونَ الْمُنْكِرُونَ الْمُسْتَكْبِرُونَ فَ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ بِالرَّفْعِ أَيْ: مَا تَدْعُونَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ نُزُولَهُ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، أَوْ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَرَادُوا السُّخْرِيَةَ بِالْمُسْلِمِينَ فَقَالُوا الْمُنَزَّلُ عَلَيْكُمْ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَرِدُ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَإِلَّا لَكَانَ الْمَعْنَى الَّذِي أَنْزَلَهُ رَبُّنَا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ وَالْكُفَّارُ لَا يُقِرُّونَ بِالْإِنْزَالِ، وَوَجْهُ عَدَمِ وُرُودِهِ هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَقِيلَ: هُوَ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ، أَيْ: لَيْسَ مَا تَدْعُونَ إِنْزَالَهُ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ مُنَزَّلًا بَلْ هُوَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ وَقَدْ جُوِّزَ عَلَى مُقْتَضَى عِلْمِ النَّحْوِ نَصْبُ أَسَاطِيرَ وَإِنْ لَمْ تَقَعِ الْقِرَاءَةُ بِهِ، وَلَا بُدَّ فِي النَّصْبِ مِنَ التَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَا، أَيْ: أَنْزَلَ عَلَى دَعْوَاكُمْ أَسَاطِيرَ الْأَوَّلِينَ، أَوْ يَقُولُونَ ذَلِكَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ عَلَى طَرِيقِ السُّخْرِيَةِ. وَالْأَسَاطِيرُ: الْأَبَاطِيلُ وَالتُّرَّهَاتُ الَّتِي يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهَا عَنِ الْقُرُونِ الْأُولَى، وَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ فِي شَيْءٍ وَلَا مِمَّا أَنْزَلَهُ اللَّهُ أَصْلًا فِي زَعْمِهِمْ لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً أَيْ: قَالُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ لِكَيْ يَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً، لَمْ يُكَفَّرْ مِنْهَا شَيْءٌ لِعَدَمِ إِسْلَامِهِمُ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِتَكْفِيرِ الذُّنُوبِ وَقِيلَ: إِنَّ اللَّامَ هِيَ لَامُ الْعَاقِبَةِ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَصِفُوا الْقُرْآنَ بِكَوْنِهِ أَسَاطِيرَ لِأَجْلِ يَحْمِلُونَ الْأَوْزَارَ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ عَاقِبَتُهُمْ ذَلِكَ حَسُنَ التَّعْلِيلُ بِهِ كَقَوْلِهِ: لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً [1] . وَقِيلَ: هِيَ لَامُ الْأَمْرِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ أي: ويحملون بعض أوزار الذي أَضَلُّوهُمْ لِأَنَّ مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَقِيلَ: مِنْ لِلْجِنْسِ لَا لِلتَّبْعِيضِ، أَيْ: يَحْمِلُونَ كُلَّ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ، وَمَحَلُّ بِغَيْرِ عِلْمٍ النَّصْبُ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ «يُضِلُّونَهُمْ» أَيْ: يُضِلُّونَ النَّاسَ جَاهِلِينَ غَيْرَ عَالِمِينَ بِمَا يَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِ، وَلَا عَارِفِينَ بِمَا يَلْزَمُهُمْ مِنَ الْآثَامِ وَقِيلَ: إِنَّهُ حَالٌ مِنَ الْمَفْعُولِ، أَيْ: يُضِلُّونَ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ، وَمِثْلُ هَذِهِ الْآيَةِ:
وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ [2] . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْأَنْعَامِ الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى [3] . أَلا ساءَ مَا يَزِرُونَ أَيْ: بِئْسَ شَيْئًا يَزِرُونَهُ ذَلِكَ. ثُمَّ حَكَى سُبْحَانَهُ حَالَ أَضَرَابِهِمْ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ فَقَالَ: قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ به نمروذ بن كنعان حيث

[1] القصص: 8.
[2] العنكبوت: 13.
[3] الأنعام: 164. [.....]
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست