responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 337
وَالْحَدِيثِ فِي قَتْلِ ابْنِ أَبِي الْحَقِيقِ أَنَّهُ وَقَعَ عَلَى صُورَةٍ غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ. وَالصَّحِيحُ كَمَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّمْيِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: هُوَ مَا كَانَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ، فَإِنَّهُ أَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَرَمَى بِهَا فِي وُجُوهِ الْمُشْرِكِينَ، فَأَصَابَتْ كُلَّ واحد منهم، ودخلت في عينيه ومنخريه وفمه. قَالَ ثَعْلَبٌ: الْمَعْنَى وَما رَمَيْتَ الْفَزَعَ وَالرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ إِذْ رَمَيْتَ بِالْحَصْبَاءِ فَانْهَزَمُوا وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى أَيْ:
أَعَانَكَ وَأَظْفَرَكَ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: رَمَى اللَّهُ لَكَ، أَيْ: أَعَانَكَ وَأَظْفَرَكَ وَصَنَعَ لَكَ. وَقَدْ حَكَى مِثْلَ هَذَا أَبُو عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِ الْمَجَازِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُبَرِّدُ: الْمَعْنَى: وَما رَمَيْتَ بِقُوَّتِكَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّكَ بِقُوَّةِ اللَّهِ رَمَيْتَ وَقِيلَ الْمَعْنَى: إِنَّ تِلْكَ الرَّمْيَةَ بِالْقَبْضَةِ مِنَ التُّرَابِ الَّتِي رَمَيْتَهَا لَمْ تَرْمِهَا أَنْتَ عَلَى الْحَقِيقَةِ، لِأَنَّكَ لَوْ رَمَيْتَهَا مَا بَلَغَ أَثَرُهَا إِلَّا مَا يَبْلُغُهُ رَمْيُ الْبَشَرِ، وَلَكِنَّهَا كَانَتْ رَمْيَةَ اللَّهِ حَيْثُ أَثَّرَتْ ذَلِكَ الْأَثَرَ الْعَظِيمَ، فَأَثْبَتَ الرَّمْيَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ صُورَتَهَا وُجِدَتْ مِنْهُ، وَنَفَاهَا عَنْهُ لِأَنَّ أَثَرَهَا الَّذِي لَا يُطِيقُهُ الْبَشَرُ فِعْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَكَأَنَّ اللَّهَ فَاعِلُ الرَّمْيَةِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَكَأَنَّهَا لَمْ تُوجَدْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْلًا، هَكَذَا فِي الْكَشَّافِ. قَوْلُهُ:
وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً الْبَلَاءُ هَاهُنَا: النِّعْمَةُ وَالْمَعْنَى: وَلِيُنْعِمَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِنْعَامًا جَمِيلًا، وَاللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ، أَيْ: وَلِلْإِنْعَامِ عَلَيْهِمْ بِنِعَمِهِ الْجَمِيلَةِ فَعَلَ ذَلِكَ لَا لِغَيْرِهِ، أَوِ الْوَاوُ عَاطِفَةٌ لِمَا بَعْدَهَا عَلَى عِلَّةٍ مُقَدَّرَةٍ قَبْلَهَا، أَيْ: وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى لِيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ لِدُعَائِهِمْ عَلِيمٌ بِأَحْوَالِهِمْ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذَلِكُمْ، إِلَى الْبَلَاءِ الْحَسَنِ، وَهُوَ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ خَبْرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيِ: الْغَرَضُ ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ أَيْ: إِنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ سُبْحَانَهُ بِمَا وَقَعَ مِمَّا حَكَتْهُ الْآيَاتُ السَّابِقَةُ إِبْلَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَتَوْهِينُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ وَقِيلَ: الْمُشَارُ إِلَيْهِ الْقَتْلُ وَالرَّمْيُ. وَقَدْ قُرِئَ بِتَشْدِيدِ الْهَاءِ وَتَخْفِيفِهَا مَعَ التَّنْوِينِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ بِتَخْفِيفِ الْهَاءِ مَعَ الْإِضَافَةِ. وَالْكَيْدُ: الْمَكْرُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ نَافِعٍ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرٍ قَالَ: إِنَّا قَوْمٌ لَا نَثْبُتُ عِنْدَ قِتَالِ عَدُوِّنَا، وَلَا نَدْرِي مَنِ الْفِئَةُ، أَمَامَنَا أَوْ عَسْكَرُنَا؟ فَقَالَ لِي: الْفِئَةُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ قَالَ: إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ بدر لا لقبلها ولا لبعدها. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالنَّحَّاسُ فِي نَاسِخِهِ، وَأَبُو الشَّيْخِ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ الْآيَةَ قَالَ: إِنَّهَا كَانَتْ لِأَهْلِ بَدْرٍ خَاصَّةً. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: لَا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ الْآيَةُ فَإِنَّمَا كَانَتْ يَوْمَ بَدْرٍ وَأَنَا فِئَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ بَدْرٍ خَاصَّةً مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَنْهَزِمُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَتْرُكُوهُ. وَقَدْ رُوِيَ اخْتِصَاصُ هَذِهِ الْآيَةِ بِأَهْلِ بَدْرٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَقَدْ قَدَّمَنَا الْإِشَارَةَ إِلَى ذَلِكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ يَعْنِي مُسْتَطْرِدًا يُرِيدُ الْكَرَّةَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ يَعْنِي: أَوْ يَنْحَازُ إِلَى أَصْحَابِهِ مِنْ غَيْرِ هَزِيمَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ يَقُولُ: اسْتَوْجَبُوا سَخَطًا مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ فَهَذَا يَوْمَ بدر خاصّة،

نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 337
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست