responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 458
وَقَدِ اسْتَفْتَانِي رَجُلٌ فِي امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ تَخْتَلِفُ إِلَى بَيْتِ رَجُلٍ غَيْرِ مُسْلِمٍ وَلَا وَطَنِيٍّ، تَزُورُهُ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْأُسْبُوعِ، فَتَمْكُثُ مَعَهُ إِلَى قُرْبِ الْمَغْرِبِ، هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ إِيذَانُ بَعْلِهَا بِذَلِكَ؟ ، وَذَكَرَ أَنَّ سَبَبَ افْتِتَانِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الْخَبِيثَةِ بِهَذَا الرَّجُلِ الْخَبِيثِ أَنَّهَا عَرَفَتْهُ عَامِلًا فِي صَيْدَلِيَّةٍ
قَصَدَتْهَا مَرَّةً لِشِرَاءِ دَوَاءٍ مِنْهَا، فَتَصَبَّاهَا حَتَّى صَارَتْ تَخْتَلِفُ إِلَى الصَّيْدَلِيَّةِ لِأَدْنَى حَاجَةٍ ثُمَّ لِغَيْرِ حَاجَةٍ إِلَخْ.
فَسَدَتِ الْعَقَائِدُ وَالْأَخْلَاقُ وَتُرِكَتِ الْعِبَادَاتُ، وَأُبِيحَتِ الْأَعْرَاضُ وَاسْتُبِيحَتِ الْمُحَرَّمَاتُ وَعُبِدَ الشَّيْطَانُ فِي مَعْصِيَةِ الرَّحْمَنِ، وَتُوجَدُ جَمْعِيَّاتٌ مِنَ الرِّجَالِ وَمِنَ النِّسَاءِ يُزَيِّنُونَ لِلنَّاسِ كُلَّ هَذِهِ الْفَضَائِحِ وَالْقَبَائِحِ بِاسْمِ التَّجْدِيدِ وَالتَّمَدُّنِ، وَلَهُمْ جَرَائِدُ تَنْشُرُ دِعَايَةَ الْإِلْحَادِ وَالزَّنْدَقَةِ، وَالْإِبَاحَةِ الْمُطْلَقَةِ، إِلَّا مِنْ بَعْضِ قُيُودِ قَانُونِ الْعُقُوبَاتِ فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ. وَإِذَا أَنْذَرَهُمْ مُنْذِرٌ، وَحَذَّرَهُمْ مِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ مُحَذِّرٌ، قَالُوا: وَمَا الشَّيْطَانُ؟ وَمَا الدَّلِيلُ عَلَى وُجُودِ الشَّيْطَانِ؟ فَإِنْ قُلْتَ لَهُمْ: إِنَّ أَطِبَّاءَ الْأَرْوَاحِ وَأَسَاتِذَةَ أَمْرَاضِ الِاجْتِمَاعِ، قَدْ حَذَّرُونَا بِأَمْرِ اللهِ خَالِقِ مَا يُرَى وَمَا لَا يُرَى مِنْ نَزْغِ الشَّيْطَانِ وَتَزْيِينِهِ لِلْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ، كَمَا يُحَذِّرُنَا أَطِبَّاءُ الْأَجْسَادِ مِنْ " مَيُكْرُوبَاتِ " الْأَمْرَاضِ، فَهَلْ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْلِ أَنْ نَرُدَّ كَلَامَ هَؤُلَاءِ الْأَطِبَّاءِ بِحُجَّةِ أَنَّنَا لَمْ نَرَ تِلْكَ الْمَيُكْرُوبَاتِ الْمَرَضِيَّةَ، وَأَلَّا نَقْبَلَ كَلَامَهُمْ، وَلَا نَسْتَعْمِلَ أَدْوِيَتَهُمْ إِلَّا بَعْدَ رُؤْيَةِ مَا رَأَوْا، وَاخْتِبَارِ مَا اخْتَبَرُوا؟ أَلَمْ يَقُمِ الدَّلِيلُ عَلَى صِدْقِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي التَّبْلِيغِ عَنْ وَحْيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ بَلَى وَقَدْ ثَبَتَ بِالتَّجْرِبَةِ وَالِاخْتِبَارِ أَنَّ مَنِ اتَّبَعُوهُمْ صَحَّتْ عَقَائِدُهُمْ وَاسْتَقَامَتْ أَخْلَاقُهُمْ، وَصَلُحَتْ أَعْمَالُهُمْ، وَحُفِظَتْ صِحَّتُهُمْ وَأَعْرَاضُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، فَتَجْرِبَةُ مُعَالَجَتِهِمْ لِأَمْرَاضِ الْأَنْفُسِ وَالْأَرْوَاحِ، أَثْبَتُ مِنْ تَجْرِبَةِ مُعَالَجَةِ الْأَطِبَّاءِ لِأَمْرَاضِ الْأَجْسَادِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالِاخْتِبَارِ أَيْضًا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمَادِّيِّينَ الْمُنْكِرِينَ لِوُجُودِ الشَّيَاطِينِ هُمْ أَشَدُّ فَسَادًا وَإِفْسَادًا، وَمِنْهُمْ: سِكِّيرُونَ مُقَامِرُونَ، زُنَاةٌ لُوطِيُّونَ، كَذَّابُونَ مُنَافِقُونَ، مُرْتَشُونَ سَرَّاقُونَ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (6: 112، 113) .
وَفِي مِثْلِ هَؤُلَاءِ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى فِي هَذَا السِّيَاقِ: وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ الْغَيُّ: الْفَسَادُ. وَالْمَدُّ وَالْإِمْدَادُ الزِّيَادَةُ فِي الشَّيْءِ مِنْ جِنْسِهِ، وَقَدْ قَرَأَ نَافِعٌ يُمِدُّونَهُمْ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مِنَ الْإِمْدَادِ، وَالْجُمْهُورُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ
الْمِيمِ مِنَ الْمَدِّ، وَقُرِئَ فِي الشَّوَاذِّ يُمَادُّونَهُمْ بِصِيغَةِ الْمُشَارَكَةِ، وَالْمَدُّ يُسْتَعْمَلُ فِي الْقُرْآنِ فِي الْخَلْقِ وَالتَّكْوِينِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ (13: 3) أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ (25: 45) وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ (31: 27) وَفِي مَدِّ النَّاسِ فِيمَا يُذَمُّ وَيَضُرُّ كَقَوْلِهِ: قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا (19: 75)

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 458
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست