responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 463
وَالْبَوَارِ وَالْعَذَابِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، مَا دَامُوا عَلَى هَذِهِ الْقَبَائِحِ الشَّنِيعَةِ الْفَظِيعَةِ، الْمُوجِبَةِ لِلْفَقْرِ وَهَلَاكِ الْأَمْوَالِ وَانْمِحَاقِ الْبَرَكَاتِ، وَالْخِيَانَةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَالْأَمَانَاتِ؛ وَلِذَلِكَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ قَدِ افْتَقَرَ مِنْ سُوءِ مَا جَنَاهُ، وَقَبِيحِ مُعَامَلَتِهِ لِمَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى بَارِئِهِ وَخَالِقِهِ، وَمُوجِدِهِ وَرَازِقِهِ، بَلْ بَارَزَهُ بِهَذِهِ الْمُبَارَزَةِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى خَلْعِ جِلْبَابِ الْحَيَاءِ وَالْمُرُوءَةِ وَالتَّخَلِّي عَنْ سَائِرِ صِفَاتِ أَهْلِ الشَّهَامَةِ وَالْفُتُوَّةِ، وَالتَّحَلِّي بِصِفَاتِ الْبَهَائِمِ بَلْ بِأَقْبَحِ وَأَفْظَعِ صِفَةٍ وَخَلَّةٍ، إِذْ لَا نَجِدُ حَيَوَانًا ذَكَرًا يَنْكِحُ مِثْلَهُ، فَنَاهِيكَ بِرَذِيلَةٍ تَعَفُّ عَنْهَا الْحَمِيرُ، فَكَيْفَ يَلِيقُ فِعْلُهَا بِمَنْ هُوَ فِي صُورَةِ رَئِيسٍ أَوْ كَبِيرٍ؟ كَلَّا بَلْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْ قَدْرِهِ،
وَأَشْأَمُ مِنْ خَبَرِهِ، وَأَنْتَنُ مِنَ الْجِيَفِ، وَأَحَقُّ بِالشُّرُورِ وَالسَّرَفِ، وَأَخُو الْخِزْيِ وَالْمَهَانَةِ، وَخَائِنُ عَهْدِ اللهِ وَمَالَهُ عِنْدَهُ مِنَ الْأَمَانَةِ، فَبُعْدًا لَهُ وَسُحْقًا، وَهَلَاكًا فِي جَهَنَّمَ وَحَرْقًا اهـ.
وَقَالَ السَّيِّدُ الْآلُوسِيُّ فِي آخِرِ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ رُوحِ الْمَعَانِي: وَبَعْضُ الْفَسَقَةِ الْيَوْمَ - دَمَّرَهُمُ اللهُ تَعَالَى - يُهَوِّنُونَ أَمْرَهَا وَيُتَيَّمُونَ بِهَا، وَيَفْتَخِرُونَ بِالْإِكْثَارِ مِنْهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَفْعَلُهَا أَخْذًا لِلثَّأْرِ، وَلَكِنْ مِنْ أَيْنَ؟ وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْمَدُ اللهَ سُبْحَانَهُ عَلَيْهَا مَبْنِيَّةً لِلْمَفْعُولِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ نَالُوا الصَّدَارَةَ بِأَعْجَازِهِمْ نَسْأَلُ اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اهـ.
وَأَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ الْفِتَنَ بِالْمُرْدِ هِيَ الَّتِي حَمَلَتْ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ عَلَى تَحْرِيمِ النَّظَرِ إِلَى الْغُلَامِ الْأَمْرَدِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ جَمِيلَ الصُّورَةِ، أَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ وَخَصَّهُ آخَرُونَ بِنَظَرِ الشَّهْوَةِ الَّذِي هُوَ ذَرِيعَةُ الْفَاحِشَةِ. رَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْوَضِينِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَحُدَّ الرَّجُلُ النَّظَرَ إِلَى وَجْهِ الْغُلَامِ الْجَمِيلِ - وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ أَنَّهُ قَالَ: لَا تُجَالِسُوا أَوْلَادَ الْأَغْنِيَاءِ فَإِنَّ لَهُمْ صُوَرًا كَصُوَرِ النِّسَاءِ وَهُمْ أَشَدُّ فِتْنَةً مِنَ الْعَذَارَى - وَعَنِ النَّجِيبِ بْنِ السُّدِّيِّ قَالَ كَانَ يُقَالُ: لَا يَبِيتُ الرَّجُلُ فِي بَيْتٍ مَعَ الْمُرْدِ - وَعَنِ ابْنِ سَهْلٍ قَالَ: سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوْمٌ يُقَالُ لَهُمُ اللُّوطِيُّونَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ يَنْظُرُونَ، وَصِنْفٌ يُصَافِحُونَ، وَصِنْفٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ الْعَمَلَ - وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لَوْ أَنَّ الَّذِي يَعْمَلُ ذَلِكَ الْعَمَلَ (يَعْنِي عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ) اغْتَسَلَ بِكُلِّ قَطْرَةٍ فِي السَّمَاءِ وَكُلِّ قَطْرَةٍ فِي الْأَرْضِ لَمْ يَزَلْ نَجِسًا.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: دَخَلَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ الْحَمَّامَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ غُلَامٌ صَبِيحٌ فَقَالَ: أَخْرِجُوهُ فَإِنِّي أَرَى مَعَ كُلِّ امْرَأَةٍ شَيْطَانًا وَمَعَ كُلِّ غُلَامٍ بِضْعَةَ عَشَرَ شَيْطَانًا. يَعْنِي أَنَّ الْوَسْوَسَةَ وَالْإِغْرَاءَ بِالْغُلَامِ الْجَمِيلِ يَزِيدُ عَلَى الْإِغْرَاءِ بِالْمَرْأَةِ بِضْعَةَ عَشَرَ ضِعْفًا لِسُهُولَةِ الْوُصُولِ إِلَيْهِ وَكَثْرَةِ وَسَائِلِهِ، وَهَلْ كَانَ مِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ تَدْخُلَ الْمَرْأَةُ الْحَمَّامَ عَلَى الرِّجَالِ كَمَا دَخَلَ ذَلِكَ الْغُلَامُ وَكَمَا يَدْخُلُ النِّسَاءُ فِي غَيْرِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى إِنَّهُنَّ يَتَوَلَّيْنَ تَنْظِيفَ الرِّجَالِ فِي الْحَمَّامَاتِ. وَمِنْ وَسَائِلِ الِافْتِتَانِ بِالْمُرْدِ التَّعْلِيمُ وَالِانْتِسَابُ إِلَى طَرِيقَةِ الْمُتَصَوِّفَةِ، فَيُجْعَلُ الْخَيْرُ وَسِيلَةً إِلَى الشَّرِّ، وَكَمْ فُتِنَ أُسْتَاذٌ مِنْ هَؤُلَاءِ وَأُولَئِكَ بِمُرِيدِهِ وَتِلْمِيذِهِ وَأَخْفَى هَوَاهُ حَتَّى فَسَدَتْ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 463
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست