responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 458
إِخْرَاجَهُ هُوَ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ بِأَنَّهُمْ يَتَطَهَّرُونَ وَيَتَنَزَّهُونَ مِنْ أَدْرَانِ الْفَوَاحِشِ، وَهُوَ شَهَادَةٌ لَهُمْ بِالْكَمَالِ وَشَهَادَةٌ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالنَّقْصِ؟ .
(فَالْجَوَابُ) : مَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِيهِ وَهُوَ أَنَّهُ: سُخْرِيَةٌ بِهِمْ وَبِتَطَهُّرِهِمْ مِنَ الْفَوَاحِشِ، وَافْتِخَارِهِمْ بِمَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْقَذَارَةِ، كَمَا يَقُولُ الشُّطَّارُ مِنَ الْفَسَقَةِ لِبَعْضِ الصُّلَحَاءِ إِذَا وَعَظَهُمْ: ابْعِدُوا عَنَّا هَذَا الْمُتَقَشِّفَ، وَأَرِيحُونَا مِنْ هَذَا الْمُتَزَهِّدِ اهـ. وَمِثْلُهُ مَعْهُودٌ مِنَ الْمُجَاهِرِينَ بِالْفِسْقِ، وَلِلنَّقْصِ وَالرَّذَائِلِ دَرَكَاتٌ، كَمَا أَنَّ لِلْكَمَالِ وَالْفَضَائِلِ دَرَجَاتٌ، فَأُولَاهَا أَنْ يُلِمَّ بِالرَّذِيلَةِ وَهُوَ يَشْعُرُ بِقُبْحِهَا، وَيَلُومُ نَفْسَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ يَتُوبُ إِلَى رَبِّهِ مِنْهَا، وَيَلِيهَا أَنْ يَعُودَ إِلَيْهَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ مُسْتَتِرًا مُسْتَخْفِيًا، وَيَلِيهَا أَنْ يُصِرَّ عَلَيْهَا، حَتَّى يَزُولَ شُعُورُهُ بِقُبْحِهَا، وَيَلِيهَا
أَنْ يَجْهَرَ بِهَا، وَيَكُونُ قُدْوَةً سَيِّئَةً لِلْمُسْتَعِدِّينَ لَهَا، وَيَلِيهَا أَنْ يُفَاخِرَ بِهَا أَهْلَهَا، وَيَحْتَقِرَ مَنْ يَتَنَزَّهُونَ عَنْهَا، وَهَذِهِ أَسْفَلُ الدَّرَكَاتِ، وَهِيَ دَرَجَةُ قَوْمِ لُوطٍ، وَلَا يَهْبِطُ إِلَيْهَا وَلَا بِسَفِّ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، بَلْ وَصَفَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُمْ إِذَا عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ يَعْمَلُونَهَا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ، وَأَنَّهُمْ لَا يُصِرُّونَ عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ.
(فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ) أَيْ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ، وَلِذَلِكَ اسْتَثْنَى مِنْهُمُ امْرَأَتَهُ فَإِنَّهَا لَمْ تُؤْمِنْ بِهِ، بَلْ خَانَتْهُ بِوِلَايَةِ قَوْمِهِ الْكَافِرِينَ الْفَاسِقِينَ عَلَيْهِ، فَكَانَتْ مِنْ جَمَاعَةِ الْغَابِرِينَ أَيِ الْهَالِكِينَ، أَوِ الْبَاقِينَ الَّذِينَ نَزَلَ بِهِمُ الْعَذَابُ فِي الدُّنْيَا وَيَلِيهِ عَذَابُ الْآخِرَةِ. يُقَالُ: غَبَرَ بِمَعْنَى بَقَى وَبِمَعْنَى مَضَى وَذَهَبَ وَهَلَكَ. وَمَنْ قَالَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ إِنْ أَهْلَهُ هُمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ سَوَاءً كَانُوا مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ أَمْ لَا، فَقَدْ غَفَلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الذَّارِيَاتِ: (فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (51: 35، 36) . (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا) أَيْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا عَجِيبًا أَمْرُهُ، وَهُوَ الْحِجَارَةُ الَّتِي رُجِمُوا بِهَا. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْكَشَّافِ: الْفَرْقُ بَيْنَ مَطِرَ وَأَمْطَرَ أَنَّ مَعْنَى مَطِرَتْهُمُ السَّمَاءُ أَصَابَتْهُمْ بِالْمَطَرِ، كَقَوْلِهِمْ غَاثَتْهُمْ وَوَبِلَتْهُمْ وَجَادَتْهُمْ وَرَهِمَتْهُمْ. وَيُقَالُ: أَمْطَرَتْ عَلَيْهِمْ كَذَا - بِمَعْنَى أَرْسَلَتْهُ عَلَيْهِمْ إِرْسَالَ الْمَطَرِ اهـ. وَعَنْ بَعْضِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ أَنَّ مَطَرَ وَأَمْطَرَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا فِي الصِّحَاحِ. وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّ " مَطَرَ " لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي الرَّحْمَةِ وَ " أَمْطَرَ " لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي الْعَذَابِ. نُقِلَ هَذَا عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَتَبِعَهُ الرَّاغِبُ وَالْفَيْرُوزَابَادِيُّ فِي الْقَامُوسِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ يُقَالُ: مَطَرَتْهُمُ السَّمَاءُ وَأَمْطَرَتْهُمْ، وَسَمَاءٌ مَاطِرَةٌ وَمُمْطِرَةٌ - قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي حَقِيقَةِ الْمَادَّةِ مِنْ أَسَاسِ الْبَلَاغَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَمِنَ الْمَجَازِ أَمْطَرَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْحِجَارَةَ اهـ. فَالْأَمْطَارُ حَقِيقَةٌ فِي

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 458
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست