responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 444
وَقَدِ اسْتَعْمَلَ الْوَعْدَ بِمَعْنَى الْوَعِيدِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ وَالْمُرَادُ بِهِ هُوَ مَا أُشِيرَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ هُنَا: (أَفَلَا تَتَّقُونَ) وَصَرَّحَ بِهِ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ بِقَوْلِهِ (إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (26: 135) (قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ) يُطْلَقُ الرِّجْسُ عَلَى الْقَبِيحِ الْمُسْتَقْذَرِ حِسًّا أَوْ مَعْنًى وَبِمَعْنَى الرِّجْزِ وَهُوَ الْعَذَابُ أَوْ سَيِّئُهُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْآيَةَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي مَجَازِ الْأَسَاسِ وَفَسَّرَ الرِّجْسَ بِالْعَذَابِ قَالَ لِأَنَّهُ جَزَاءُ مَا اسْتُعِيرَ لَهُ اسْمُ الرِّجْسِ، وَذُكِرَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي قِسْمِ الْحَقِيقَةِ مِنَ الْمَادَّةِ أَنَّ الرَّجْسَ بِالْفَتْحِ صَوْتُ الرَّعْدِ وَأَنَّهُ يُقَالُ: رَجَسَتِ السَّمَاءُ وَارْتَجَسَتْ: قَصَفَتْ بِالرَّعْدِ (قَالَ) وَالنَّاسُ فِي مَرْجُوسَةٍ، أَيْ فِي اخْتِلَاطٍ قَدِ ارْتَجَسَ عَلَيْهِمْ أَمْرُهُمُ اهـ. وَمِثْلُهَا فِي هَذَا مَادَّةُ الرِّجْزِ وَمِنْهُ فِي " 34: 5، 45: 11 " (لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٍ) وَقَدْ كَانَ الْعَذَابُ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ وَوَقَعَ عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا، أَيْ ذَاتَ صَوْتٍ شَدِيدٍ عَاتِيَةً كَانَتْ (تَنْزِعُ النَّاسَ) مِنَ الْأَرْضِ ثُمَّ تَرْمِيهِمْ بِهَا صَرْعَى (كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) (54: 20) قَدْ قُلِعَ مِنْ مَنَابِتِهِ وَزَالَ عَنْ أَمَاكِنِهِ، وَذَلِكَ مِنْ مَعْنَى الرِّجْسِ وَالِارْتِجَاسِ وَالرِّجْزِ وَالِارْتِجَازِ وَقَوْلُهُ: (وَقَعَ) مَجَازٌ عَبَّرَ بِهِ عَنِ الْمُتَوَقَّعِ لِتَحَقُّقِهِ وَقُرْبِهِ، وَعَطَفَ الْغَضَبَ عَلَى الرِّجْسِ لِبَيَانِ أَنَّ الرِّجْسَ قَدْ أُرِيدَ بِهِ الِانْتِقَامُ الْحَتْمُ فَلَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ، وَالْعِيَاذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِهِ، مَا كَانَ مِنْهُ حَتْمًا عِقَابُهُ كَهَذَا، وَمَا كَانَ مُمْكِنًا دَفْعُهُ بِالتَّوْبَةِ كَعِقَابِ هَذِهِ الْأُمَّةِ. اللهُمَّ تُبْ عَلَى أُمَّتِنَا وَارْفَعْ عَنْهَا رِجْسَ الْأَجَانِبِ الطَّامِعِينَ، وَأَعْوَانِهِمُ الْمُنَافِقِينَ.
(أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ) أَيْ أَتُخَاصِمُونَنِي وَتُمَارُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ وَضَعْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الَّذِينَ قَلَّدْتُمُوهُمْ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ، لِمُسَمَّيَاتٍ اتَّخَذُوهَا فَاتَّخَذْتُمُوهَا آلِهَةً زَاعِمِينَ أَنَّهَا تُقَرِّبُكُمْ
إِلَى اللهِ زُلْفَى وَتَشْفَعُ عِنْدَهُ لَكُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ حُجَّةٍ وَلَا بُرْهَانٍ يُصَدِّقُ زَعْمَكُمْ بِأَنَّهُ رَضِيَ أَنْ تَكُونَ وَاسِطَةً بَيْنَهُ تَعَالَى وَبَيْنَكُمْ، وَكَيْفَ وَهُوَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي يَصْمُدُ إِلَيْهِ عِبَادُهُ فِي الْعِبَادَةِ وَطَلَبِ مَا لَمْ يُمَكِّنْهُمْ مِنْهُ بِالْأَسْبَابِ، أَيْ يَتَوَجَّهُونَ إِلَيْهِ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُونَ فِي تَوْجِيهِ قُلُوبِهِمْ إِلَيْهِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (6: 79) وَكُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِعِبَادَتِهِ، لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ إِلَّا مِمَّا أَنْزَلَهُ عَلَى رُسُلِهِ؛ إِذْ لَا يَعْلَمُ مَا يُرْضِيهِ وَيَصِحُّ عِنْدَهُ مِنْ عِبَادَتِهِ غَيْرُهُ إِلَّا الْمُبَلِّغِينَ عَنْهُ. وَالْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِ التَّقْلِيدِ (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) أَيْ فَانْتَظِرُوا نُزُولَ الْعَذَابِ الَّذِي طَلَبْتُمُوهُ بِقَوْلِكُمْ: (فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا) إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ وَلَكِنَّنِي مُوقِنٌ وَأَنْتُمْ مُرْتَابُونَ، وَجَادٌّ وَأَنْتُمْ هَازِلُونَ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 444
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست