responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 443
(أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ) بَيَانٌ لِوَظِيفَةِ الرَّسُولِ وَحَالِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهَا، أَيْ أُبَلِّغُكُمُ التَّكَالِيفَ الَّتِي أُرْسِلْتُ بِهَا، وَالْحَالُ أَنَّنِي أَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ فِيمَا أُبَلِّغُكُمْ إِيَّاهُ وَأَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ لِأَنَّ فِيهِ سَعَادَتَكُمْ، أَمِينٌ عَلَى مَا أَقُولُ فِيهِ عَنِ اللهِ تَعَالَى فَإِنَّنِي لَا أَكْذِبُ عَلَيْكُمْ فَكَيْفَ أَكْذِبُ عَلَى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ؟ وَهَذَا أَقْوَى مِنْ قَوْلِ نُوحٍ: وَأَنْصَحُ لَكُمْ؛ فَإِنَّهُ يَحْتَجُّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ النُّصْحَ وَصْفٌ قَائِمٌ بِهِ ثَابِتٌ لَهُ عِنْدَهُمْ، لِمَا يَعْهَدُونَ مِنْ سِيرَتِهِ مَعَهُمْ، وَكَذَلِكَ الصِّدْقُ وَالْأَمَانَةُ؛ لِأَنَّهُمْ رَمَوْهُمْ بِالْكَذِبِ وَالسَّفَاهَةِ، وَقَوْمُ نُوحٍ إِنَّمَا رَمَوْهُ بِالضَّلَالَةِ.
(أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ) تَقَدَّمَ مِثْلُهُ مِنْ قَوْلِ نُوحٍ (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً) أَيْ وَاذْكُرُوا فَضْلَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَنِعَمَهُ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ، وَزَادَكُمْ فِي الْمَخْلُوقَاتِ بَسْطَةً وَسِعَةً فِي الْمُلْكِ وَالْحَضَارَةِ. أَوْ زَادَكُمْ بَسْطَةً فِي خَلْقِ أَبْدَانِكُمْ؛ إِذْ كَانُوا طُوَالَ الْأَجْسَامِ أَقْوِيَاءَ الْأَبْدَانِ. وَفِي التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ رِوَايَاتٌ إِسْرَائِيلِيَّةُ الْأَصْلِ فِي الْمُبَالَغَةِ فِي طُولِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا وَلَا يُحْتَجُّ بِشَيْءٍ مِنْهَا. وَلَكِنْ نَصَّ عَلَى قُوَّتِهِمْ وَجَبَرُوتِهِمْ فِي سُورَةِ هُودٍ وَالشُّعَرَاءِ وَفُصِّلَتْ (فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أَيْ فَاذْكُرُوا نِعَمَ اللهِ وَاشْكُرُوهَا لَهُ لَعَلَّكُمْ تَفُوزُونَ بِمَا أَعَدَّهُ لِلشَّاكِرِينَ مِنْ إِدَامَتِهَا عَلَيْهِمْ وَزِيَادَتِهَا لَهُمْ، وَلَنْ تَكُونُوا كَذَلِكَ إِلَّا إِذَا عَبَدْتُمُوهُ وَحْدَهُ وَلَمْ تُشْرِكُوا بِعِبَادَتِهِ أَحَدًا، لَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِقْلَالِ وَلَا عَلَى سَبِيلِ جَعْلِهِ وَاسِطَةً بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ فَإِنَّ هَذَا حِجَابٌ دُونَهُ، وَمَنْ حَجَبَ نَفْسَهُ عَمَّا كَرَّمَهُ رَبُّهُ بِهِ مِنَ التَّوَجُّهِ إِلَيْهِ وَحْدَهُ فِي الدُّنْيَا حُجِبَ عَنْ لِقَائِهِ فِي الْآخِرَةِ وَإِنَّمَا يُحْجَبُ عَنْ رَبِّهِمُ الْكَافِرُونَ. لَا الْمُؤْمِنُونَ الشَّاكِرُونَ.
(قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا) الْمُرَادُ مِنَ الْمَجِيءِ الْإِتْيَانُ بِالرِّسَالَةِ حَسْبَ دَعْوَاهُ الصَّادِقَةِ فِي نَفْسِهَا الْكَاذِبَةِ فِي ظَنِّهِمُ الْآثِمِ. عَلَى أَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَعْمِلُ الْمَجِيءَ وَالذِّهَابَ وَالْقُعُودَ وَالْقِيَامَ فِي التَّعْبِيرِ عَنِ الشُّرُوعِ فِي الشَّيْءِ وَبَيَانِ حَالِهِ - يُقَالُ: جَاءَ يُعَلِّمُ النَّاسَ كَيْفَ يُحَارِبُونَ، وَذَهَبَ يُقِيمُ قَوَاعِدَ الْعُمْرَانِ، (وَنَذَرَ) بِمَعْنَى نَتْرُكَ، لَمْ يُسْتَعْمَلْ مِنْ مَادَّتِهِ إِلَّا الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ.
وَالْمَعْنَى: أَجِئْتَنَا لِأَجْلِ أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ عَلَى مَا نَحْنُ عَلَيْهِ مِنَ الْآثَامِ، وَنَتْرُكَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا مَعَهُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَالشُّفَعَاءِ فَنُحَقِّرَهُمْ وَنَمْتَهِنَهُمْ بِرَمْيِهِمْ بِالْكُفْرِ، وَنُحَقِّرَ أَوْلِيَاءَنَا وَشُفَعَاءَنَا عِنْدَ اللهِ بِتَرْكِ التَّوَجُّهِ إِلَيْهِمْ عِنْدَ التَّوَجُّهِ إِلَيْهِ وَهُمُ الْوَسِيلَةُ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغَاثَةِ بِهِمْ وَالتَّعْظِيمِ
لِصُوَرِهِمْ وَتَمَاثِيلِهِمْ وَقُبُورِهِمْ وَالنَّذْرِ لَهُمْ وَذَبْحِ الْقَرَابِينِ عِنْدَهُمْ؟ وَهَلْ يَقْبَلُ اللهُ عِبَادَتَنَا مَعَ ذُنُوبِنَا إِلَّا بِهِمْ وَلِأَجْلِهِمْ؟ اسْتَنْكَرُوا التَّوْحِيدَ، وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِمَا أَبْطَلَهُ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ مِنَ التَّقْلِيدِ وَاسْتَعْجَلُوا الْوَعِيدَ قَالُوا:
(فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) أَيْ فَجِئْنَا بِمَا تَعِدُنَا بِهِ مِنَ الْعَذَابِ عَلَى تَرْكِ الْإِيمَانِ بِكَ وَالْعَمَلِ بِمُقْتَضَى تَوْحِيدِكَ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فِي إِنْذَارِكَ أَوْ فِي أَنَّكَ رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 443
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست