responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 407
الصَّلَاةَ الطَّوِيلَةَ فِي بَيْتِهِ وَعِنْدَهُ الزُّوَّارُ وَمَا يَشْعُرُونَ بِهِ، وَلَقَدْ أَدْرَكْنَا أَقْوَامًا مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ عَمَلٍ يَقْدِرُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ فِي السِّرِّ
فَيَكُونَ عَلَانِيَةً أَبَدًا، وَلَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَجْتَهِدُونَ فِي الدُّعَاءِ وَمَا يُسْمَعُ لَهُمْ صَوْتٌ إِنْ كَانَ إِلَّا هَمْسًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً) وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ ذَكَرَ عَبْدًا صَالِحًا رَضِيَ فِعْلَهُ فَقَالَ: (إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا) (19: 3) اهـ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: يُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ وَالنِّدَاءِ وَالصِّيَاحِ فِي الدُّعَاءِ وَيُؤْمَرُ بِالتَّضَرُّعِ وَالِاسْتِكَانَةِ.
(إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) فِي الدُّعَاءِ، كَمَا لَا يُحِبُّ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْأَشْيَاءِ. وَالِاعْتِدَاءُ تَجَاوُزُ الْحُدُودِ فِيهَا، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ مُطْلَقًا وَمُقَيَّدًا، إِلَّا مَا كَانَ انْتِصَافًا مِنْ مُعْتَدٍّ ظَالِمٍ بِمِثْلِ ظُلْمِهِ، وَالْعَفْوُ عَنْهُ أَفْضَلُ، وَالِاعْتِدَاءُ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَكُونُ بِحَسْبِهِ وَذَلِكَ أَنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَدًّا مَنْ تَجَاوَزَهُ كَانَ مُعْتَدِيًا (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (2: 229) .
وَشَرُّ أَنْوَاعِ الِاعْتِدَاءِ فِي الدُّعَاءِ التَّوَجُّهِ فِيهِ إِلَى غَيْرِ اللهِ وَلَوْ لِيَشْفَعَ لَهُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الْحَنِيفَ مَنْ يَدْعُو اللهَ تَعَالَى وَحْدَهُ، فَلَا يَدْعُو مَعَهُ غَيْرَهُ، كَمَا قَالَ: (فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا) (72: 18) أَيْ لَا مَلِكًا وَلَا نَبِيًّا وَلَا وَلِيًّا. وَمَنْ دَعَا غَيْرَ اللهِ فِيمَا يَعْجِزُ هُوَ وَأَمْثَالُهُ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ الْأَسْبَابِ كَالشِّفَاءِ مِنَ الْمَرَضِ بِغَيْرِ التَّدَاوِي وَتَسْخِيرِ قُلُوبِ الْأَعْدَاءِ وَالْإِنْقَاذِ مِنَ النَّارِ وَدُخُولِ الْجَنَّةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْمَنَافِعِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ - فَقَدِ اتَّخَذَهُ إِلَهًا لِأَنَّ الْإِلَهَ هُوَ الْمَعْبُودُ، وَ " الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ " كَمَا قَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَأَبُو يَعْلَى عَنِ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ الرُّكْنُ الْأَعْظَمُ فِي الْعِبَادَةِ عَلَى نَحْوِ " الْحَجُّ عَرَفَةُ " وَفِي مَعْنَى هَذَا التَّفْسِيرِ حَدِيثُ أَنَسٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مَرْفُوعًا " الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ " وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ يُقَوِّيهِ تَفْسِيرُهُ لِلصَّحِيحِ، وَقَدْ يُفَسِّرُونَهُ بِالْعِبَادَةِ فِي جُمْلَتِهَا دُونَ أَفْرَادِهَا.
وَقَالَ تَعَالَى: (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيَهُمُّ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا) (17: 56، 57) جَاءَ فِي رِوَايَاتٍ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ هَذَا نَزَلَ فِيمَنْ عَبَدُوا الْمَلَائِكَةَ وَالْمَسِيحَ وَأَمَّهُ وَعُزَيْرًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، أَيْ كُلُّهُمْ عَاجِزٌ عَنْ دَفْعِ الضُّرِّ أَوْ تَحْوِيلِهِ عَنْكُمْ، وَمَعْنَى الْآيَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَهُمْ هُمْ عَبِيدُ اللهِ يَبْتَغُونَ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَالزُّلْفَى - أَيُّهُمْ أَقْرَبُ - أَيْ أَقْرَبُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ كَالْمَلَائِكَةِ وَالْمَسِيحِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 407
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست