responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 403
مَرْفُوعٌ، وَأَنْتَ رَجُلُ سُوءٍ صَاحِبُ بِدْعَةٍ. اهـ. كَأَنَّهُ عَلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ مُشَكِّكٌ غَيْرُ مُسْتَفْتٍ لِيَعْلَمَ.
وَذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّ لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْمَقَامِ مَقَالَاتٍ كَثِيرَةً وَقَالَ: وَإِنَّمَا يَسْلُكُ فِي هَذَا الْمَقَامِ مَذْهَبُ السَّلَفِ الصَّالِحِ. مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ - وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَهُوَ إِمْرَارُهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ وَلَا تَعْطِيلٍ. وَالظَّاهِرُ الْمُتَبَادَرُ إِلَى أَذْهَانِ الْمُشَبِّهِينَ مَنْفِيٌّ عَنِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ وَ (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (42: 11) بَلِ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الْأَئِمَّةُ مِنْهُمْ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ الْخُزَاعِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ قَالَ: مَنْ شَبَّهَ اللهَ بِخَلْقِهِ كَفَرَ، وَمَنْ جَحَدَ مَا وَصَفَ اللهُ بِهِ نَفْسَهُ فَقَدْ كَفَرَ. وَلَيْسَ فِيمَا وَصَفَ اللهُ بِهِ نَفْسَهُ وَلَا رَسُولُهُ تَشْبِيهٌ، فَمَنْ أَثْبَتَ مَا وَرَدَتْ بِهِ الْآثَارُ الصَّرِيحَةُ وَالْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَلِيقُ بِجَلَالِ اللهِ وَنَفَى عَنِ اللهِ النَّقَائِصَ فَقَدْ سَلَكَ سَبِيلَ الْهُدَى اهـ.
(يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا) هَذَا بَيَانٌ مُسْتَأْنَفٌ لِلتَّدْبِيرِ قَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَيَعْقُوبُ، وَأَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ (يُغَشِّي) بِتَشْدِيدِ الشِّينِ مِنَ التَّغْشِيَةِ وَالْبَاقُونَ بِتَخْفِيفِهَا مِنَ الْإِغْشَاءِ يُقَالُ غَشِيَ (كَرَضِيَ) فُلَانٌ أَصْحَابَهُ إِذَا أَتَاهُمْ، وَغَشِيَ الشَّيْءُ الشَّيْءَ لَحِقَهُ وَغَطَّاهُ.
وَمِنْهُ فِي التَّنْزِيلِ غِشْيَانُ الْمَوْجِ وَالْيَمِّ وَالدُّخَانِ وَالْعَذَابِ لِلنَّاسِ وَغِشْيَانُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ. وَأَغْشَاهُ وَغَشَّاهُ إِيَّاهُ بِالتَّشْدِيدِ جَعَلَهُ يَغْشَاهُ أَيْ يَلْحَقُهُ وَيغْلِبُ عَلَيْهِ أَوْ يُغَطِّيهِ وَيَسْتُرُهُ. وَفِي التَّشْدِيدِ مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ وَالْكَثْرَةِ. وَمِنْهُ إِغْشَاءُ اللَّيْلِ النَّهَارَ وَتَغْشِيَتُهُ وَغِشْيَانُهُ إِيَّاهُ. قَالَ تَعَالَى: (وَاللَّيْلُ إِذَا يَغْشَى) (92: 1) أَيْ يُغْشِي النَّهَارَ، وَقَالَ: (وَاللَّيْلُ إِذَا
يَغْشَاهَا) (91: 4) وَالضَّمِيرُ لِلشَّمْسِ أَيْ يَتْبَعُ ضَوْءُهَا وَيَغْلِبُ عَلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ. وَالْمَعْنَى هُنَا أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ اللَّيْلَ الَّذِي هُوَ الظُّلْمَةُ يَغْشَى النَّهَارَ وَهُوَ ضَوْءُ الشَّمْسِ عَلَى الْأَرْضِ أَيْ يَتْبَعُهُ وَيَغْلِبُ عَلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَيَسْتُرُهُ حَالَةَ كَوْنِهِ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا مِنْ قَوْلِهِمْ: فَرَسٌ حَثِيثُ السَّيْرِ، وَمَضَى حَثِيثًا - كَمَا فِي الْأَسَاسِ وَغَيْرِهِ - أَيْ مُسْرِعًا. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَعْقُبُهُ سَرِيعًا كَالطَّالِبِ لَهُ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ - كَمَا قَالُوا - وَهَذَا الطَّلَبُ السَّرِيعُ يَظْهَرُ أَكْمَلَ الظُّهُورِ بِمَا ثَبَتَ مِنْ كَوْنِ الْأَرْضِ كُرَوِيَّةَ الشَّكْلِ تَدُورُ عَلَى مِحْوَرِهَا تَحْتَ الشَّمْسِ، فَيَكُونُ نِصْفُهَا مُضِيئًا بِنُورِهَا دَائِمًا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مُظْلِمًا دَائِمًا. وَمَسْأَلَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَعْلُومَةٌ بِالْقَطْعِ فِي هَذَا الْعَصْرِ فَيُمْكِنُ تَحْدِيدُ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي كُلِّ قُطْرٍ، وَمُخَاطَبَةُ أَهْلِهِ بِالتِّلِغْرَافِ بِأَنْ تَسْأَلَ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ مَنْ تَعْلَمُ أَنَّ وَقْتَهُمْ نِصْفَ النَّهَارِ مَثَلًا فَيُجِيبُوكَ، بَلِ الْبَرْقِيَّاتُ تَطُوفُ كُلَّ يَوْمٍ مُدُنَ الْعَالَمِ الْمَدَنِيِّ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ مُبَيِّنَةً ذَلِكَ.
وَقَدِ اتَّفَقَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ كَالْغَزَالِيِّ وَالرَّازِيِّ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَعْقُولِ،

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 403
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست