responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 383
أَنَّهُ هُوَ الْوَاقِعُ عِنْدَ إِطْلَاقِ الْكَلَامِ. كَمَا كَانَتِ الْبَلَاغَةُ فِي الْعُدُولِ عَنْ صِيغَةِ الِاسْتِقْبَالِ فِي تَحَاوُرِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ إِلَى صِيغَةِ الْمَاضِي لِإِثْبَاتِ الْقَطْعِ بِهِ وَتَحَقُّقِ وُقُوعِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَصْفُهُمْ بِمَا ذُكِرَ مُسْتَأْنَفٌ مِنْ كَلَامِ اللهِ تَعَالَى لَا مِنْ كَلَامِ الْمُؤَذِّنِ.
(وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ) أَيْ وَبَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ حِجَابٌ يَفْصِلُ كُلًّا مِنْهُمَا عَنِ الْآخَرِ وَيَمْنَعُهُ مِنَ الِاسْتِطْرَاقِ إِلَيْهِ. وَالْحِجَابُ مِنَ الْحَجْبِ بِمَعْنَى الْمَنْعِ - كَالْكِفَافِ مِنَ الْكَفِّ وَالصِّوَانِ مِنَ الصَّوْنِ - وَهُوَ حِسِّيٌّ وَمَعْنَوِيٌّ. وَالْحِسِّيُّ مِنْهُ مَا يَمْنَعُ الِاسْتِطْرَاقَ دُونَ الرُّؤْيَةِ كَالزُّجَاجِ وَمَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ وَحْدَهَا كَالسُّتُورِ، وَمَا يَمْنَعُهُمَا جَمِيعًا كَالْأَسْوَارِ وَالْحِيطَانِ. وَمِنَ الْحَجْبِ الْمَعْنَوِيِّ مَنْعُ الْإِرْثِ حِرْمَانًا أَوْ نُقْصَانًا، وَهُوَ الْحِجَابُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ هُوَ السُّورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْحَدِيدِ: (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينِ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسُ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ) (57: 13) الْآيَةَ. فَإِنَّ الْجَنَّةَ فِي بَاطِنِهِ وَالنَّارَ مِنْ قِبَلِ ظَاهِرِهِ، أَيْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَكُونُ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي مَوْقِفِ الْحِسَابِ. رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَنْ مُقَاتِلٍ فِي قَوْلِهِ: (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ) قَالَ: يَعْنِي بِالسُّورِ حَائِطًا بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ - يَعْنِي بَاطِنَ السُّورِ - فِيهِ الرَّحْمَةُ مِمَّا يَلِي الْجَنَّةَ، وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ يَعْنِي جَهَنَّمَ، وَهُوَ الْحِجَابُ الَّذِي ضُرِبَ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ. وَرَوَى هُوَ وَرَوَاهُ التَّفْسِيرُ الْمَأْثُورُ قَبْلَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي آيَةِ الْحَدِيدِ قَالَ: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ أَحْيَاءً فِي الدُّنْيَا يُنَاكِحُونَهُمْ
وَيُعَاشِرُونَهُمْ وَكَانُوا مَعَهُمْ أَمْوَاتًا، وَيُعْطَوْنَ النُّورَ جَمِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُطْفَأُ نُورُ الْمُنَافِقِينَ إِذَا بَلَغُوا السُّورَ يُمَازُ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَالسُّورُ كَالْحِجَابِ فِي الْأَعْرَافِ فَيَقُولُونَ: (انْظُرُونَا نَقْتَبِسُ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا) .
(وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ) الْأَعْرَافُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ، وَجَمْعٌ لِكَلِمَتَيِ الْأَعْرَفِ وَالْعُرْفِ (بِوَزْنِ قُفْلٍ) وَيُطْلَقُ عَلَى أَعَالِي الْأَشْيَاءِ وَأَوَائِلِهَا وَكُلِّ مُرْتَفِعٍ مِنَ الْأَرْضِ وَغَيْرِهَا، وَمِنْهُ عُرْفُ الدِّيكِ وَعُرْفُ الْفَرَسِ وَهُوَ الشَّعْرُ عَلَى أَعْلَى الرَّقَبَةِ، وَعُرْفُ السَّحَابِ، رُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: الْأَعْرَافُ سُورٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رِوَايَاتٌ: (1) الْأَعْرَافُ هُوَ الشَّيْءُ الْمُشْرِفُ: (2) سُورٌ لَهُ عُرْفٌ كَعُرْفِ الدِّيكِ: (3) تَلٌّ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ جَلَسَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الذُّنُوبِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. (4) السُّورُ الَّذِي ذَكَرَ اللهُ فِي الْقُرْآنِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْأَعْرَافَ هُوَ ذَلِكَ السُّورُ وَالْحِجَابُ بَيْنَ الدَّارَيْنِ وَأَهْلِهِمَا، أَوْ أَعَالِيهِ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا أُولَئِكَ الرِّجَالُ الَّذِينَ يَرَوْنَ أَهْلَ الْجَنَّةِ وَأَهْلَ النَّارِ جَمِيعًا قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهِمَا - فِيمَا يَظْهَرُ - فَيَعْرِفُونَ كُلًّا مِنْهُمَا بِسِيمَاهُمُ الَّتِي وَصَفَهُمُ اللهُ تَعَالَى بِهَا فِي مِثْلِ قَوْلِهِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 383
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست