responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 379
قَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ تَخَلُّفِ الْوَعِيدِ وَعَدَمِ جَوَازِ تَخَلُّفِ الْوَعْدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَرَبَ تَتَمَدَّحُ بِذَلِكَ، وَالْعُقَلَاءَ يَعُدُّونَهُ فَضْلًا، وَكَيْفَ يُقْبَلُ هَذَا مَعَ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى فِي الْوَعِيدِ: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ) (22: 47) وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْآيَاتِ. نَعَمْ قَدْ يَصِحُّ قَوْلُهُمْ فِي الْوَعِيدِ الْمُقَيَّدِ وَلَوْ فِي نُصُوصٍ أُخْرَى بِجَوَازِ الْعَفْوِ عَنْهُ كَبَعْضِ الْمَعَاصِي، دُونَ الْمُؤَكَّدِ أَوِ الْمُطْلَقِ الَّذِي لَا يُقَيِّدُهُ شَيْءٌ.
وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ الْوَعْدَ هُنَا بِمَعْنَى الْوَعِيدِ وَلَوْ لِلْمُشَاكَلَةِ، وَأَنَّ الْمَفْعُولَ حُذِفَ تَخْفِيفًا لِلْإِيجَازِ أَوْ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا قَبْلَهُ، وَالْمَعْنَى: فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا أَوْعَدَكُمْ رَبُّكُمْ مِنَ الْخِزْيِ وَالْهَوَانِ وَالْعَذَابِ حَقًّا؟ وَقِيلَ: بَلِ الْمَعْنَى فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا؟ وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا، وَمَا قَبْلَهُ قَدْ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
وَ (أَنْ) فِي قَوْلِهِ: (أَنْ قَدْ وَجَدْنَا) هِيَ الْمُفَسِّرَةُ.
(قَالُوا نَعَمْ) أَيْ قَالَ أَهْلُ النَّارِ: نَعَمْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَ رَبُّنَا حَقًّا. قَرَأَ الْكِسَائِيُّ نَعِمْ بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَهِيَ لُغَةٌ فَصِيحَةٌ نُسِبَتْ إِلَى كِنَانَةَ وَهُذَيْلٍ (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) التَّأْذِينُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْإِعْلَامِ بِالشَّيْءِ، وَاللَّعْنَةُ عِبَارَةٌ عَنِ الطَّرْدِ وَالْإِبْعَادِ مَعَ الْخِزْيِ وَالْإِهَانَةِ. أَيْ فَكَانَ عَقِبَ هَذَا السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَى الْكَافِرِينَ أَنْ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ قَائِلًا: لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ لِأَنْفُسِهِمْ، الْجَانِينَ عَلَيْهَا بِمَا أَوْجَبَ حِرْمَانَهَا مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ، وَارْتِكَاسَهَا فِي عَذَابِ الْجَحِيمِ، وَالظَّالِمِينَ لِلنَّاسِ بِمَا يَصِفُهُمْ بِهِ فِي الْآيَةِ التَّالِيَةِ، وَنُكِّرَ الْمُؤَذِّنُ لِأَنَّ مَعْرِفَتَهُ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ، بَلِ الْمَقْصُودُ الْإِعْلَامُ بِمَا يَقُولُهُ هُنَالِكَ لِلتَّخْوِيفِ مِنْهُ هُنَا، وَلَمْ يُرْوَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شَيْءٌ، وَهُوَ مِنْ أُمُورِ الْغَيْبِ الَّتِي لَا تُعْلَمُ عِلْمًا صَحِيحًا إِلَّا بِالتَّوْقِيفِ الْمُسْتَنِدِ إِلَى الْوَحْيِ. وَلَكِنَّ الْمَعْهُودَ فِي أُمُورِ عَالَمِ الْغَيْبِ وَلَا سِيَّمَا الْآخِرَةُ أَنْ يَتَوَلَّى مِثْلَ ذَلِكَ فِيهَا مَلَائِكَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ الْآلُوسِيُّ: هُوَ عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ صَاحِبُ الصُّورِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقِيلَ: مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، وَقِيلَ: مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ غَيْرُهُمَا يَأْمُرُهُ اللهُ بِذَلِكَ. وَرِوَايَةُ الْإِمَامِيَّةِ عَنِ الرِّضَا وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ مِمَّا لَمْ يَثْبُتْ مِنْ طَرِيقِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَبَعِيدٌ عَنْ هَذَا الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ مُؤَذِّنًا وَهُوَ إِذْ ذَاكَ فِي حَظَائِرِ الْقُدْسِ اهـ. وَأَقُولُ: إِنَّ وَاضِعِي كُتُبِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ لِرُوَاةِ الْآثَارِ لَمْ يَضَعُوهَا عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذَاهِبِ وَقَدْ كَانَ فِي أَئِمَّتِهِمْ مَنْ يُعَدُّ مِنْ شِيعَةِ عَلَيٍّ وَآلِهِ كَعَبْدِ الرَّزَّاقِ وَالْحَاكِمِ، وَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ عَدَّلَ كَثِيرًا مِنَ الشِّيعَةِ فِي رِوَايَتِهِمْ، فَإِذَا ثَبَتَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ قَبِلْنَاهَا، وَلَا نَرَى كَوْنَهُ فِي حَظَائِرِ الْقُدْسِ مَانِعًا مِنْهَا، وَلَوْ كُنَّا نَعْقِلُ لِإِسْنَادِ هَذَا التَّأْذِينِ إِلَيْهِ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ مَعْنًى يُعَدُّ بِهِ فَضِيلَةً أَوْ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ تَعَالَى لَقَبِلْنَا الرِّوَايَةَ بِمَا دُونَ السَّنَدِ الصَّحِيحِ، مَا لَمْ يَكُنْ مَوْضُوعًا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 379
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست