responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 380
أَوْ مُعَارَضًا بِرِوَايَةٍ أَقْوَى سَنَدًا أَوْ أَصَحَّ مَتْنًا. قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ (أَنَّ لَعْنَةَ اللهِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَنَصْبِ لَعْنَةٍ، وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى تَقْدِيرِ الْقَوْلِ، وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ عَلَى أَنَّهَا الْمُفَسِّرَةُ، أَوِ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ وَرَفْعِ لَعْنَةٍ.
ثُمَّ وَصَفَ هَؤُلَاءِ الظَّالِمِينَ بِقَوْلِهِ: (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَهَا
عِوَجًا) تَقَدَّمَ أَنَّ صَدَّ يَصُدُّ يَجِيءُ لَازِمًا بِمَعْنَى يُعْرِضُ وَيَمْتَنِعُ عَنِ الشَّيْءِ، وَمُتَعَدِّيًا بِمَعْنَى يَصُدُّ غَيْرَهُ وَيَصْرِفُهُ عَنْهُ، وَأَنَّ الْإِيجَازَ فِي مِثْلِ هَذَا التَّعْبِيرِ يَقْتَضِي الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا - أَيِ الَّذِينَ يُعْرِضُونَ عَنْ سُلُوكِ سَبِيلِ اللهِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى مَرْضَاتِهِ وَكَرَامَتِهِ وَثَوَابِهِ وَيُضِلُّونَ النَّاسَ عَنْهَا، وَيَمْنَعُونَهُمْ مِنْ سُلُوكِهَا، وَيَبْغُونَهَا مُعْوَجَّةً أَوْ ذَاتَ عِوَجٍ، أَيْ غَيْرَ مُسْتَوِيَةٍ وَلَا مُسْتَقِيمَةٍ حَتَّى لَا يَسْلُكَهَا أَحَدٌ. قَالَ فِي اللِّسَانِ: وَالْعَوَجُ بِالتَّحْرِيكِ مَصْدَرُ قَوْلِكَ عَوِجَ الشَّيْءُ بِالْكَسْرِ فَهُوَ أَعْوَجُ، وَالِاسْمُ الْعِوَجُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَعَاجَ يَعُوجُ إِذَا عَطَفَ، وَالْعِوَجُ فِي الْأَرْضِ أَلَّا تَسْتَوِيَ، وَفِي التَّنْزِيلِ: (لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا) (20: 107) قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: قَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْعِوَجِ فِي الْحَدِيثِ اسْمًا وَفِعْلًا وَمَصْدَرًا وَفَاعِلًا وَمَفْعُولًا، وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ مُخْتَصٌّ بِكُلِّ شَكْلٍ مَرْئِيٍّ كَالْأَجْسَامِ، وَبِالْكَسْرِ بِمَا لَيْسَ بِمَرْئِيٍّ كَالرَّأْيِ وَالْقَوْلِ، وَقِيلَ: الْكَسْرُ يُقَالُ فِيهِمَا مَعًا، وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ. (ثُمَّ قَالَ) وَعَوِجَ الطَّرِيقُ وَعِوَجُهُ زَيْغُهُ، وَعِوَجُ الدِّينِ وَالْخُلُقِ فَسَادُهُ وَمَيْلُهُ عَلَى الْمُثُلِ اهـ. وَقَالَ الرَّاغِبُ: إِنَّ الْعَوَجَ (بِالتَّحْرِيكِ) يُقَالُ فِيمَا يُدْرَكُ بِالْبَصَرِ، وَالْعِوَجَ (بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ) يُقَالُ فِيمَا يُدْرَكُ بِالْفِكْرِ وَالْبَصِيرَةِ كَالدِّينِ وَالْمَعَاشِ.
وَأَمَّا بَغْيُ الظَّالِمِينَ - أَيْ طَلَبُهُمْ - أَنْ تَكُونَ سَبِيلُ اللهِ عِوَجًا، أَيْ غَيْرَ مُسْتَوِيَةٍ وَلَا مُسْتَقِيمَةٍ فَيَكُونُ عَلَى صُوَرٍ شَتَّى، فَأَصْحَابُ الظُّلْمِ الْعَظِيمِ - وَهُوَ الشِّرْكُ - يَشُوبُونَ التَّوْحِيدَ بِشَوَائِبَ كَثِيرَةٍ مِنَ الْوَثَنِيَّةِ، أَعَمُّهَا الشِّرْكُ فِي الْعِبَادَةِ وَمُخُّهَا الدُّعَاءُ، فَلَا يَتَوَجَّهُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ وَحْدَهُ بَلْ يُشْرِكُونَ مَعَهُ فِي التَّوَجُّهِ وَالدُّعَاءِ غَيْرَهُ عَلَى أَنَّهُ شَفِيعٌ عِنْدَهُ وَوَاسِطَةٌ لَدَيْهِ أَوْ وَسِيلَةٌ إِلَيْهِ (وَمَا أُمِروا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ) (98: 5) (حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) (22: 31) (دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا) (6: 161) (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (6: 79) بَلْ مِنْهُمْ مَنْ يَتَوَجَّهُونَ إِلَى غَيْرِهِ تَوًّا وَيَدْعُونَهُ مِنْ دُونِهِ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الضِّيقِ وَالشِّدَّةِ، فَلَا يَخْطُرُ بِبَالِهِمْ رَبُّهُمْ وَلَا يَذْكُرُونَهُ، وَلَكِنَّهُمْ إِذَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ مُنْكِرٌ يَتَأَوَّلُونَ فَيَقُولُ الْعَامِّيُّ: الْمَحْسُوبُ كَالْمَنْسُوبِ، الْوَاسِطَةُ لَا تُنْكَرُ. وَيَقُولُ الْمُعَمَّمُ دَعِيُّ الْعِلْمِ: هَذَا تَوَسُّلٌ وَاسْتِشْفَاعٌ، لَا عِبَادَةَ وَلَا دُعَاءَ، وَكَرَامَاتُ الْأَوْلِيَاءِ حَتَّى خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَالْأَوْلِيَاءُ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ كَالشُّهَدَاءِ. وَقَدْ فَنَّدْنَا دَعْوَاهُمْ مِرَارًا.
وَالظَّالِمُونَ بِالِابْتِدَاعِ يَبْغُونَهَا عِوَجًا بِمَا يَزِيدُونَ فِي الدِّينِ مِنَ الْبِدَعِ وَالْمُحْدَثَاتِ، الَّتِي لَمْ تَرِدْ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 380
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست