responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 365
وَمَنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ جَمِيعِ الْأَقْوَامِ - فَهَذَا وَجْهُ مُنَاسَبَتِهِ لِمَا قَبْلَهُ فِيمَا ظَهَرَ لَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ. قَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
(يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) " إِمَّا " مُرَكَّبَةٌ مِنْ " إِنِ " الشُّرْطِيَّةِ وَ " مَا " الَّتِي تُفِيدُ تَأْكِيدَ الشَّرْطِ وَكَذَا الْعُمُومَ فِي قَوْلٍ. وَالْمَعْنَى: إِنْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْ أَبْنَاءِ جِنْسِكُمُ الْبَشَرِ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِيَ الَّتِي أُنْزِلُهَا عَلَيْهِمْ فِي بَيَانِ مَا أَفْرِضُهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الْمُصْلِحَةِ وَمَا أُحَرِّمُهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الشِّرْكِ وَالرَّذَائِلِ وَالْأَعْمَالِ الْمُفْسِدَةِ - فَمَنِ اتَّقَى مَا نَهَيْتُ عَنْهُ وَأَصْلَحَ نَفْسَهُ بِمَا أَوْجَبْتُ عَلَيْهِ، فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّكْذِيبِ وَالْعِصْيَانِ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ عِنْدَ الْجَزَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فِي الدُّنْيَا كَحُزْنِ غَيْرِهِمْ. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مِثْلِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي مَوَاضِعَ أَشْبَهَ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَمَا بَعْدَهَا (2: 38: 6: 48 فَيُرَاجَعُ.
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) الِاسْتِكْبَارُ عَنِ الْآيَاتِ هُوَ رَفْضُ قَبُولِهَا كِبْرًا وَعِنَادًا لِمَنْ جَاءَ بِهَا أَنْ يَكُونَ إِمَامًا مَتْبُوعًا لِلْمُسْتَكْبِرِينَ؛ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنْفُسَهُمْ فَوْقَهُ، أَوْ أَقْوَامَهُمْ فَوْقَ قَوْمِهِ، أَوْ يُحِبُّونَ أَنْ يُرُوا النَّاسَ وَيُوهِمُوهُمْ ذَلِكَ، فَرُؤَسَاءُ قُرَيْشٍ الْمُسْتَكْبِرُونَ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَرَى مِنَ الضَّعَةِ وَالْمَهَانَةِ أَنْ يَكُونَ مَرْءُوسًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَكْثَرُ مِنْهُ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا أَوْ أَكْبَرُ سِنًّا، فَيَرَوْنَ أَنَّهُمْ أَحَقُّ بِالرِّيَاسَةِ - وَكَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ بَعْضُ عَشِيرَتِهِ بَنِي هَاشِمٍ - وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَسْتَكْبِرُ أَنْ يَتْبَعَ رَجُلًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ كَأَبِي جَهْلٍ وَأَبِي سُفْيَانَ وَآخَرِينَ، مَاتَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْكُفْرِ وَدَانَ بَعْضُهُمْ بِالْإِسْلَامِ بَعْدَ ظُهُورِهِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي غَيْرِ قُرَيْشٍ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَسْتَكْبِرُ أَنْ يَتْبَعَ رَجُلًا مِنْهُمْ إِلَّا بِالتَّبَعِ لِعَدَمِ اتِّبَاعِهِمْ هُمْ لَهُ، وَلَكِنَّ أَحْبَارَ الْيَهُودِ اسْتَكْبَرُوا عَنِ اتِّبَاعِهِ لِأَنَّهُ عَرَبِيٌّ، وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ النُّبُوَّةَ يَجِبُ حَصْرُهَا فِيهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ. وَكَذَلِكَ أُمَرَاءُ الْمَجُوسِ
وَرُؤَسَاءُ دِينِهِمْ إِذْ كَانُوا يَحْتَقِرُونَ الْعَرَبَ كَافَّةً إِلَّا مَنْ هَدَى اللهُ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَلَا يَزَالُ بَعْضُ الشُّعُوبِ يَأْبَى الِاهْتِدَاءَ بِالْإِسْلَامِ اسْتِكْبَارًا عَنِ اتِّبَاعِ أَهْلِهِ، بَلْ نَرَى بَعْضَ غُلَاةِ الْعَصَبِيَّةِ الْجِنْسِيَّةِ الْمُرْتَدِّينَ عَنِ الْإِسْلَامِ مِنَ التُّرْكِ كَذَلِكَ، حَتَّى نَقَلَتْ صُحُفُ الْأَخْبَارِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ قَوْمَهُ يَسْتَنْكِفُونَ أَنْ يَتَسَفَّلُوا لِاتِّبَاعِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، بَلْ قَالَ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ إِثْمًا (! !) .
وَالْمَعْنَى: أَنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا الْمُنَزَّلَةِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ رُسُلِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنِ اتِّبَاعِ مَنْ جَاءَ بِهَا حَسَدًا لَهُ عَلَى الرِّيَاسَةِ، وَتَفْضِيلًا لِأَنْفُسِهِمْ عَلَيْهِ أَوْ لِقَوْمِهِمْ عَلَى قَوْمِهِ، فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ الَّذِينَ يُخَلَّدُونَ فِيهَا، لَا كَالَّذِينِ يُعَذَّبُونَ فِيهَا زَمَنًا مُعَيَّنًا عَلَى ذُنُوبٍ اقْتَرَفُوهَا.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 365
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست