responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 364
الْعِلْمَ الْإِلَهِيَّ قَدْ سَبَقَ بِهِ، وَلَا شَيْءَ مِمَّا ثَبَتَ فِي الْوَاقِعِ بِنَاقِضٍ لِشَيْءٍ مِمَّا وَرَدَ فِي نَصِّ كِتَابِ رَبِّنَا تَعَالَى وَمَا صَحَّ مِنْ سُنَّةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لَهُ، وَهَذَا مِنْ حُجَجٍ كَوْنِ هَذَا الدِّينَ مِنْ عِلْمِ اللهِ تَعَالَى؛ إِذْ لَا يُمْكِنُ لِبَشَرٍ أَنْ يُقَرِّرَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ الْكَثِيرَةَ فِي الْعُلُومِ الْمُخْتَلِفَةِ عَلَى وَجْهِ الصَّوَابِ الَّذِي لَا يَزِيدُهُ تَرَقِّي عُلُومِ الْبَشَرِ وَتَجَارُبِهَا إِلَّا تَأْكِيدًا، وَنَاهِيكَ بِمَا جَاءَ عَلَى لِسَانِ نَبِيٍّ أُمِّيٍّ نَشَأَ بَيْنَ الْأُمِّيِّينَ، وَسَنَعُودُ إِلَى مِثْلِ هَذَا الْبَحْثِ فِي مُنَاسَبَةٍ أُخْرَى إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَمِنْ مَبَاحِثِ اللَّفْظِ فِي الْآيَةِ أَنَّ الْعَطْفَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) مُسْتَأْنَفٌ لِبَيَانِ مَا تَتِمُّ بِهِ الْفَائِدَةُ وَإِلَّا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ لَا الْجَزَائِيَّةِ فَيَكُونُ حَاصِلُ الْمَعْنَى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ لَا يَتَأَخَّرُونَ عَنْهُ إِذَا جَاءَ، وَهُمْ لَا يَتَقَدَّمُونَ عَلَيْهِ أَيْضًا بِأَنْ يَهْلَكُوا قَبْلَ مَجِيئِهِ. وَلَا يَظْهَرُ مَعْنًى لِعَطْفِهِ عَلَى (لَا يَسْتَأْخِرُونَ) الَّذِي هُوَ جَزَاءُ قَوْلِهِ: (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ) إِلَّا بِتَكَلُّفٍ، وَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ) (23: 43) وَأَمَّا حِكْمَةُ الْعُدُولِ عَنِ التَّرْتِيبِ الطَّبِيعِيِّ هُنَا فَهِيَ إِفَادَةُ أَنَّ تَأْخِيرَ الْأَجَلِ أَوْ تَأْخِيرَ الْهَلَاكِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ مُمْكِنٌ لِلْأُمَّةِ الَّتِي تَعْرِفُ أَسْبَابَهُ وَتَمْلِكُ الْعَمَلَ بِهَا، كَتَرْكِ الظُّلْمِ وَالْبَغْيِ وَالْفُجُورِ إِلَى أَضْدَادِهَا وَهُوَ يَتَّضِحُ بِمَا ضَرَبْنَا لَهَا مِنَ الْأَمْثَالِ آنِفًا.
(يَابَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)
هَذَا النِّدَاءُ هُوَ الرَّابِعُ لِبَنِي آدَمَ كَافَّةً مُنْذُ بَعَثَ اللهُ إِلَيْهِمُ الرُّسُلَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَهُوَ
يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ هُوَ وَمَا قَبْلَهُ حِكَايَةٌ لِمَا خَاطَبَ اللهُ بِهِ كُلَّ أُمَّةٍ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهَا وَبَيَّنَهُ لَهُمْ مِنْ أُصُولِ دِينِهِ الَّذِي شَرَعَهُ لِهِدَايَتِهِمْ بِهِ إِلَى مَا لَا غِنًى لَهُمْ عَنْهُ فِي تَكْمِيلِ فِطْرَتِهِمْ. وَقَدْ تَخَلَّلَ النِّدَاءُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ بَعْضَ مَا يُنَاسِبُ أُمَّةَ خَاتَمِ الرُّسُلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ لَمْ يَكُنْ فِي آيَاتِهِمَا مَا يَدُلُّ عَلَى مُشَارَكَةِ غَيْرِهَا لَهَا فِي الْخِطَابِ - وَأَمَّا هَذَا النِّدَاءُ فَقَدْ صَرَّحَ فِيهِ بِذِكْرِ جُمْلَةِ الرُّسُلِ، وَذَكَرَهُ بَعْدَ بَيَانِ آجَالِ الْأُمَمِ؛ وَلِهَذَا فَرَّعَ عَلَيْهِ بَيَانَ جَزَاءِ مَنِ اتَّبَعَ الرُّسُلَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 364
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست