responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 36
فِي الدُّنْيَا أَوْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ جَمِيعًا. قَالَ تَعَالَى: (كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ فَأَذَاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (39: 25، 26) وَقَالَ فِي عَادٍ قَوْمِ هُودٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ مِنِ اسْتِكْبَارِهِمْ وَجُحُودِهِمْ: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ) (41: 16) وَعَذَابُ الْأُمَمِ فِي الدُّنْيَا بِذُنُوبِهَا مُطَّرِدٌ، وَلَا يَطَّرِدُ عَذَابُ الْأَفْرَادِ وَإِنْ كَانُوا مِنَ الْمُجْرِمِينَ الْمَاكِرِينَ وَلَكِنَّ أَكَابِرَ مُجْرِمِي مَكَّةَ الَّذِينَ تَصَدَّوْا لِإِيذَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْكَيْدِ لَهُ قَدْ عُذِّبُوا فِي الدُّنْيَا كَالْخَمْسَةِ الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ قِيلَ إِنَّ السِّيَاقَ السَّابِقَ فِي طَلَبِ الْآيَاتِ - الَّذِي يُعَدُّ هَذَا السِّيَاقُ تَابِعًا لَهُ - نَزَلَ فِيهِمْ لِأَنَّهُمْ رُؤَسَاءُ الْمُجْرِمِينَ [رَاجِعْ تَفْسِيرَ الْآيَاتِ 109، 112 مِنْ سُورَةِ الْأَنْعَامِ] وَقُتِلَ مِنْ قُتِلَ مِنْهُمْ فِي بَدْرٍ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ.
وَإِذْ قَدْ بَيَّنَ تَعَالَى عَاقِبَةَ الْمُجْرِمِينَ الْمَاكِرِينَ الَّذِينَ حُرِمُوا الِاسْتِعْدَادَ لِلْإِسْلَامِ بَعْدَ بَيَانِ حَالِهِمْ، قَفَّى عَلَيْهِ بِالْمُقَابَلَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْتَعِدِّينَ لَهُ، ثُمَّ بِبَيَانِ ظُهُورِ هِدَايَتِهِ وَاسْتِقَامَةِ مَحَجَّتِهِ، وَبِجَزَاءِ الْمُهْتَدِينَ بِهِ، عَلَى حَسَبِ سُنَّتِهِ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ:
(فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ) هَذَا وَصَفٌ لِحَالِ الْمُسْتَعِدِّ لِهِدَايَةِ الْإِسْلَامِ بِسَلَامَةِ فِطْرَتِهِ وَطَهَارَةِ نَفْسِهِ مِنَ الْخُلُقَيْنِ الصَّادَّيْنِ عَنْ إِجَابَةِ دَعْوَةِ الْحَقِّ وَهُمَا الْكِبْرِيَاءُ وَالْحَسَدُ وَبِتَحَلِّيهَا - أَيْ نَفْسُهُ - بِالْهَادِيَيْنِ إِلَى الْحَقِّ وَالرَّشَادِ. وَهُمَا اسْتِقْلَالُ الْفِكْرِ الصَّادِّ عَنْ تَقْلِيدِ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ، وَقُوَّةُ الْإِرَادَةِ الصَّارِفَةِ عَنِ اتِّبَاعِ الرُّؤَسَاءِ أَوْ مُجَارَاةِ الْأَنْدَادِ، فَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ أَهْلًا بِإِرَادَةِ اللهِ تَعَالَى وَتَقْدِيرِهِ لِقَبُولِ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ الَّذِي هُوَ دِينُ الْفِطْرَةِ وَمُهَذِّبُهَا، فَإِذَا أُلْقِيَتْ إِلَيْهِ وَجَدَ لَهَا فِي صَدْرِهِ انْشِرَاحًا وَاتِّسَاعًا بِمَا يَشْعُرُ بِهِ قَلْبُهُ مِنَ السُّرُورِ وَدَاعِيَةِ الْقَبُولِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَانِعًا مِنَ النَّظَرِ الصَّحِيحِ فِيمَا أُلْقِيَ إِلَيْهِ فَيَتَأَمَّلُهُ فَتَظْهَرُ لَهُ آيَتُهُ، وَتَتَّضِحُ لَهُ دَلَالَتُهُ فَتَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ إِرَادَتُهُ، وَيُذْعِنُ لَهُ قَلْبُهُ فَتَتْبَعُهُ جَوَارِحُهُ، وَهَذَا هُوَ النُّورُ الَّذِي يَفِيضُ عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ أَوِ الَّذِي يَسِيرُ فِيهِ بِاتِّبَاعِهِ لَهُ، فَهَذِهِ الْآيَةُ مُقَابِلَةٌ لِآيَةِ الْمَثَلِ الَّذِي ضَرَبَهُ اللهُ تَعَالَى فِي هَذَا السِّيَاقِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ، وَمَا الْعَهْدُ بِهَا بِبَعِيدٍ، وَفِي مَعْنَاهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (39: 22) . (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ) قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ " ضَيْقًا " بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَالْبَاقُونَ بِتَشْدِيدِهَا، فَهُوَ كَمَيِّتٍ وَمَيْتٍ وَهَيِّنٍ وَهَيْنٍ وَلَيِّنٍ وَلَيْنٍ. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ " حَرِجًا " بِكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا عَلَى الْوَصْفِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست