responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 353
الْمَعْرُوفَةِ أَوِ الْمَأْلُوفَةِ فِيمَا لَا ظُلْمَ فِيهِ وَلَا فَسَادَ، وَلَا هَضْمَ لِحُقُوقِ الْجَمَاعَاتِ وَلَا الْأَفْرَادِ، كَالْأُمُورِ الَّتِي لَيْسَ لَهُمْ فِيهَا حُقُوقٌ، أَوِ الَّتِي تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ فِيهَا عَنْ بَعْضِ حُقُوقِهِمْ فَيَبْذُلُونَهَا عَنْ رِضًى وَارْتِيَاحٍ لِمَنْفَعَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ لَهُمْ يَرْجُونَهَا بِبَذْلِهَا. وَقِيلَ: إِنَّ الْقَيْدَ لِلتَّأْكِيدِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: إِنِ الْإِثْمَ مَا كَانَ مُحَرَّمَ الْجِنْسِ، وَالْعُدْوَانُ مَا كَانَ مُحَرَّمَ الْقَدْرِ وَالزِّيَادَةِ، فَهُوَ تَعَدِّي مَا أُبِيحَ إِلَى الْقَدْرِ الْمُحَرَّمِ، كَالِاعْتِدَاءِ فِي أَخْذِ الْحَقِّ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ بِأَخْذِ زِيَادَةٍ عَمَّا لَهُ، وَبِإِتْلَافِ أَضْعَافِ مَا أُتْلِفَ عَلَيْهِ، أَوْ قَوْلِ أَضْعَافِ مَا قِيلَ فِيهِ. فَهَذَا كُلُّهُ تَعَدٍّ لِلْعَدْلِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ مَا أُبِيحَ لَهُ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ مِنْهُ فَتَعَدَّاهُ إِلَى أَكْثَرَ مِنْهُ، كَمَنْ أُبِيحَ لَهُ إِسَاغَةُ الْغُصَّةِ بِجُرْعَةٍ مِنْ خَمْرٍ فَتَنَاوَلَ الْكَأْسَ كُلَّهَا، أَوْ أُبِيحَ لَهُ نَظْرَةُ الْخِطْبَةِ وَالسَّوْمِ وَالْمُعَامَلَةِ وَالْمُدَاوَاةِ، فَأَطْلَقَ عِنَانَ طَرْفِهِ فِي مَيَادِينَ مَحَاسِنِ الْمَنْظُورِ، وَأَسَامَ طَرْفَ نَاظِرِهِ فِي تِلْكَ الرِّيَاضِ وَالزُّهُورِ، فَتَعَدَّى
الْمُبَاحَ إِلَى الْقَدْرِ الْمَحْظُورِ، إِلَخْ مَا أَطَالَ بِهِ فِي وَصْفِ نَظَرِ الشَّهْوَةِ وَمَفَاسِدِهِ.
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الْغَالِبَ فِي اسْتِعْمَالِ الْبَغْيِ أَنْ يَكُونَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ وَالِاسْتِطَالَةِ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُ إِذَا قُرِنَ بِالْعُدْوَانِ كَانَ الْبَغْيُ ظُلْمَهُمْ بِمُحَرَّمِ الْجِنْسِ كَالسَّرِقَةِ وَالْكَذِبِ وَالْبُهْتِ وَالِابْتِدَاءِ بِالْأَذَى وَالْعُدْوَانُ تَعَدِّيَ الْحَقِّ فِي اسْتِيفَائِهِ إِلَى أَكْبَرَ مِنْهُ، فَيَكُونُ الْبَغْيُ وَالْعُدْوَانُ فِي حَقِّهِمْ كَالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ فِي حُدُودِ اللهِ (قَالَ) فَهَهُنَا أَرْبَعَةُ أُمُورٍ: حَقُّ لِلَّهِ وَلَهُ حَدٌّ، وَحَقٌّ لِعِبَادِهِ وَلَهُ حَدٌّ، فَالْبَغْيُ وَالْعُدْوَانُ وَالظُّلْمُ تَجَاوُزُ الْحَدَّيْنِ إِلَى مَا وَرَاءَهُمَا، أَوِ التَّقْصِيرُ عَنْهُمَا فَلَا يَصِلُ إِلَيْهِمَا اهـ.
(5) : الشِّرْكُ بِاللهِ - وَهُوَ مَعْرُوفٌ - وَقَدْ بَيَّنَّا أَنْوَاعَهُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ أَبْطَلُ الْبَاطِلِ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ حُجَّةٌ مِنَ الْعَقْلِ، وَلَا سُلْطَانٌ مِنَ الْوَحْيِ، وَالسُّلْطَانُ: الْحُجَّةُ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ لَهَا سُلْطَةً عَلَى الْعَقْلِ وَالْقَلْبِ. فَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ مِنْ شِرْكِهِمْ، وَتَكْذِيبٌ لَهُمْ فِي مَضْمُونِ قَوْلِهِمْ: (لَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكْنَا) (6: 148) الْآيَةَ وَنَصٌّ عَلَى أَنَّ أُصُولَ الْإِيمَانِ، يَجِبُ أَنْ تَكُونَ بِوَحْيٍ مِنَ اللهِ مُؤَيَّدٍ بِالْبُرْهَانِ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ) (23: 117) الْآيَةَ، وَلَا يَكُونُ هَذَا الدَّاعِي إِلَّا كَذَلِكَ. وَلَكِنَّهُ تَعَالَى عَظَّمَ شَأْنَ الدَّلِيلِ وَالْبُرْهَانِ فِي دِينِهِ وَنَاطَ بِهِ تَصْدِيقَ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَرَدَّهَا، بِصَرْفِ النَّظَرِ عَنْ مَوْضُوعِهَا، حَتَّى كَأَنَّ مَنْ جَاءَ بِالْبُرْهَانِ عَلَى الشِّرْكِ يُصَدَّقُ بِهِ، وَهُوَ مِنْ فَرْضِ الْمُحَالِ، لِلْمُبَالَغَةِ فِي فَضْلِ الِاسْتِدْلَالِ، وَقَدْ قَالَ فِي سِيَاقِ إِقَامَةِ الْبَرَاهِينِ عَلَى تَوْحِيدِهِ: (أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنَّ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (27: 64) عَلَى أَنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَدَيْهِمْ بُرْهَانٌ فِيمَا أَقَامَ عَلَى كَذِبِهِمْ فِيهِ الْبُرْهَانَ، وَكَيْفَ يَكُونُ لَدَيْهِمْ مَا هُوَ فِي نَفْسِهِ مُحَالٌ، كَقَوْلِهِ: (قَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 353
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست