responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 352
وَهُوَ اللَّمَمُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) (53: 32) فَعَطَفَ الْفَوَاحِشَ عَلَى كَبَائِرِ الْإِثْمِ لَا عَلَى الْإِثْمِ، فَعَطَفَ الْفَوَاحِشَ عَلَى كَبَائِرِ الْإِثْمِ لَا عَلَى الْإِثْمِ، وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَكَذَلِكَ عَطْفُ الْبَغْيِ عَلَى الْإِثْمِ هُنَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. وَمَعْنَاهُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ: طَلَبٌ لِمَا لَيْسَ بِحَقٍّ أَوْ بِسَهْلٍ أَوْ مَا تَجَاوَزَ الْحَدَّ، وَقَالُوا: بَغَى الْجُرْحُ - إِذَا تَرَامَى إِلَى الْفَسَادِ، أَوْ تَجَاوَزَ الْحَدَّ فِي فَسَادِهِ. وَمِنْهُ الْبَغْيُ فِي الْأَرْضِ الْوَارِدُ فِي عِدَّةِ آيَاتٍ كَقَوْلِهِ: (فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) (10: 23) وَقَدْ صَرَّحَ فِي بَعْضِهَا بِالْفَسَادِ: (وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ) (28: 77) وَإِذَا عُدِّيَ الْبَغْيُ بِـ " عَلَى " كَانَ بِمَعْنَى التَّجَاوُزِ وَالتَّعَدِّي عَلَى النَّاسِ فِي أَنْفُسِهِمْ أَوْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ أَعْرَاضِهِمْ وَمِنْهُ: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ) (28: 76) (خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ) (38: 22) (فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي) (49: 9) بَلْ ذَهَبَ الرَّاغِبُ إِلَى أَنَّ حَقِيقَةَ الْبَغْيِ طَلَبُ تَجَاوُزِ الِاقْتِصَادِ فِي الْقَدْرِ أَوِ الْوَصْفِ سَوَاءً تَجَاوَزَهُ بِالْفِعْلِ أَوْ لَمْ يَتَجَاوَزْهُ. وَذُكِرَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَحْمُودًا، وَهُوَ تَجَاوُزُ الْعَدْلِ إِلَى الْإِحْسَانِ وَالْفَرْضِ إِلَى التَّطَوُّعِ. وَاسْتِعْمَالُ الْقُرْآنِ لَهُ فِي الْمَعْنَيَيْنِ
اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا آنِفًا وَفِي غَيْرِهِمَا يُؤَيِّدُ تَعْرِيفَنَا وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ. كَقَوْلِهِ فِي الْبَحْرَيْنِ: (بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ) (55: 20) وَقَوْلِهِ فِي أَهْلِ الْجَنَّةِ: (لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا) (18: 108) وَقَوْلِهِ: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) (3: 83) (أَفَحُكَمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) (5: 50) (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا) (6: 164) (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ) (9: 47) (وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا) (7: 45) . وَمِنْهُ الْبِغَاءُ: وَهُوَ طَلَبُ النِّسَاءِ الْفَاحِشَةَ. وَقَدْ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ وَمِنْهُ: (أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا) (7: 140) (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا) وَقَالَ فِي الْأَسَاسِ: وَابْغِنِي ضَالَّتِي - اطْلُبْهَا لِي، وَأَبْغِي ضَالَّتِي - أَعِنِّي عَلَى طَلَبِهَا. قَالَ رُؤْبَةُ: "
فَاذْكُرْ بِخَيْرٍ وَأَبْغِنِي مَا يُبْتَغَى
" أَيِ اصْنَعْ بِي مَا يَجِبُ أَنْ يُصْنَعَ، وَخَرَجُوا بُغْيَانًا لِضَوَالِّهِمُ اهـ. وَكُلُّهُ يَدْخُلُ فِي تَعْرِيفِنَا. فَإِنَّ طَلَبَ الضَّالَّةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ حِيَازَةِ الْمَالِكِ طَلَبٌ لِمَا يَعْسُرُ، بَلْ نَاشِدُهَا يَطْلُبُ مَا لَيْسَ لَهُ بِالْفِعْلِ، وَرُؤْبَةُ يَطْلُبُ إِحْسَانًا وَكَرَامَةً لَيْسَتْ حَقًّا لَهُ.
فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْبَغْيَ الْمُحَرَّمَ هُوَ الْإِثْمُ الَّذِي فِيهِ تَجَاوُزٌ لِحُدُودِ الْحَقِّ، أَوِ اعْتِدَاءٌ عَلَى حُقُوقِ أَفْرَادِ النَّاسِ أَوْ جَمَاعَاتِهِمْ وَشُعُوبِهِمْ؛ وَلِذَلِكَ اقْتَرَنَ الْإِثْمُ بِالْعُدْوَانِ كَقَوْلِهِ: (تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (2: 85) (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (5: 2) (وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (5: 62) وَمِنْهُ: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ) (2: 173) أَيْ فَمَنِ اضْطُرَّ إِلَى شَيْءٍ مِنْ مُحَرَّمَاتِ الطَّعَامِ غَيْرَ طَالِبٍ لَهَا لِذَاتِهَا فَإِنَّهُ غَيْرُ مُتَجَاوِزٍ لِلْحَقِّ وَلَا عَادٍ حَدَّ الضَّرُورَةِ فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ مِنْهَا (فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) .
وَقَدْ قَيَّدَ الْبَغْيَ بِكَوْنِهِ بِغَيْرِ الْحَقِّ لِاسْتِعْمَالِهِ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الَّذِي يَشْمَلُ تَجَاوُزَ الْحُدُودِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 352
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست