responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 219
وَسُلَّمَ الصِّيَامَ وَالْحَجَّ الْوَاجِبَيْنِ بِقَضَاءِ دَيْنِ الْعِبَادَةِ عَنْهُمَا، وَأَنَّ دَيْنَ اللهِ أَحَقُّ بِأَنْ يُقْضَى. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي السَّائِلِ، فَقِيلَ: رَجُلٌ. وَقِيلَ: امْرَأَةٌ مِنْ جُهَيْنَةَ هُوَ الصَّحِيحُ. وَفِي الْمَسْئُولِ عَنْهُ، فَقِيلَ: أَبٌ. وَقِيلَ: أُخْتٌ. وَقِيلَ: أُمٌّ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَفِي الْمَسْئُولِ فِيهِ هَلْ هُوَ الصِّيَامُ أَوِ الْحَجُّ، وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا لِجَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَتَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةٌ لِمُسْلِمٍ، وَذَكَرَ الرَّاوِي وَهُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي وَقْتٍ لِاقْتِضَاءِ الْمَقَامِ لِذَلِكَ ; وَلِهَذَا الْخِلَافِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ الْحَدِيثَ مُضْطَرِبٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَلَكِنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ لَا اضْطِرَابَ فِيهِ، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْوَلِيِّ فِيهِ، فَقِيلَ: كُلُّ قَرِيبٍ. وَقِيلَ الْوَارِثُ. وَقِيلَ: الْعَصَبَةُ. وَالرَّاجِحُ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ الْوَلَدُ لِيَنْطَبِقَ عَلَى الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْأُخْرَى. وَمِنْ أُصُولِهِمْ أَنَّ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةَ لَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِيهَا فِي الْحَيَاةِ وَلَا بَعْدَ الْمَمَاتِ.
وَمَذْهَبُ أَشْهَرِ أَئِمَّةِ الْفِقْهِ أَنَّهُ لَا يُصَامُ عَنِ الْمَيِّتِ مُطْلَقًا وَمِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْإِمَامُ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْهَادَوِيَّةُ وَالْقَاسِمُ بْنُ الْعِتْرَةِ. وَحَصَرَ أَحْمَدُ وَآخَرُونَ الْجَوَازَ بِالنَّذْرِ عَمَلًا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ مَنْ يَصُومُ عَنِ الْمَيِّتِ وَلَدَهُ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ وَرَدَتْ بِذَلِكَ، وَمَا رُوِيَ فِي بَعْضِ طُرُقِهَا مِنْ ذِكْرِ الْأُخْتِ غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِلطَّرِيقِ الصَّحِيحِ وَلِلْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَوْقُوفُ أَوْ فَتْوَاهُ الَّتِي رَوَاهَا النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ " لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَا يَصُمْ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ " وَمِثْلُهُ عَنْ عَائِشَةَ، وَقَدْ جَعَلَ الْحَنَفِيَّةُ فَتْوَى ابْنِ عَبَّاسٍ مَانِعَةً مِنَ الْعَمَلِ بِحَدِيثِهِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ الْعَالِمَ الصَّحَابِيَّ لَا يُخَالِفُ رِوَايَتَهُ إِلَّا إِذَا كَانَ لَدَيْهِ مَا يَمْنَعُ الْعَمَلَ بِهَا كَكَوْنِهَا مَنْسُوخَةً، وَمَذْهَبُ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ وَالْحَدِيثِ أَنَّ الْحُجَّةَ بِرِوَايَةِ الصَّحَابِيِّ لَا بِرَأْيِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَتْرُكُ الْعَمَلَ بِالرِّوَايَةِ سَهْوًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ تَأَوُّلًا عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ مِنْ تَرْكِهِ عَمْدًا. وَعِنْدَنَا أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ قَوْلَيِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَرِوَايَتِهِمَا ; لِأَنَّ قَوْلَهُمَا أَوْ فَتْوَاهُمَا بِأَلَّا يُصَلِّي وَلَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ هُوَ أَصْلُ الشَّرِيعَةِ الْعَامُّ فِي جَمِيعِ النَّاسِ، إِلَّا مَا اسْتُثْنِيَ بِالنَّصِّ مِنْ صِيَامِ الْوَلَدِ أَوْ حَجِّهِ أَوْ صَدَقَتِهِ عَنْ وَالِدَيْهِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ حَقًّا ثَابِتًا بِأَصْلِ الشَّرْعِ، أَوْ بِنَذْرٍ، أَوْ إِرَادَةِ وَصِيَّةٍ كَمَا كَانَتِ الْحَالُ فِي وَقَائِعِ فَتْوَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُولَئِكَ الْأَوْلَادِ. فَلَا مَحَلَّ إِذًا لِتَخْرِيجِ
الْحَنَفِيَّةِ وَلَا الْجُمْهُورِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَكِتَابُ اللهِ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ.
وَأَمَّا قِيَاسُ عَمَلِ غَيْرِ الْوَلَدِ عَلَى عَمَلِهِ فَبَاطِلٌ، لِمُخَالَفَتِهِ لِلنَّصِّ الْقَطْعِيِّ عَلَى كَوْنِهِ قِيَاسًا مَعَ الْفَارِقِ، وَقَدْ غَفَلَ عَنْ هَذَا مَنْ عَوَّدُونَا اسْتِدْرَاكَ مِثْلِهِ عَلَى الْمُتَقَدِّمِينَ، كَشَيْخَيِ الْإِسْلَامِ وَالشَّوْكَانِيِّ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ الْمُسْتَقِلِّينَ.
فَعُلِمَ مِمَّا شَرَحْنَاهُ أَنَّ كُلَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْأَذْكَارِ وَإِهْدَاءِ ثَوَابِهَا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست