responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 208
ثُمَّ أَتْبَعُهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ " هَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَالسِّتَّةَ أَيَّامٍ بِسِتِّينَ يَوْمًا.
وَمِنَ الْمَبَاحِثِ الْكَلَامِيَّةِ فِي الْآيَةِ قَوْلُ الْأَشْعَرِيَّةِ: إِنَّ الثَّوَابَ كُلَّهُ بِفَضْلِ اللهِ تَعَالَى وَلَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ مِنْهُ شَيْئًا، وَقَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ: إِنَّ الثَّوَابَ هُوَ الْمَنْفَعَةُ الْمُسْتَحَقَّةُ عَلَى الْعَمَلِ وَالتَّفَضُّلَ الْمَنْفَعَةُ غَيْرُ الْمُسْتَحَقَّةِ، وَإِنَّ الثَّوَابَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ التَّفَضُّلِ فِي الْكَثْرَةِ وَالشَّرَفِ، إِذْ لَوْ جَازَ الْعَكْسُ أَوِ الْمُسَاوَاةُ لَمْ يَبْقَ فِي التَّكْلِيفِ فَائِدَةٌ فَيَكُونُ عَبَثًا وَقَبِيحًا، مِنْ ثَمَّ قَالَ الْجُبَّائِيُّ وَغَيْرُهُ: يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْعَشَرَةُ الْأَمْثَالِ فِي جَزَاءِ الْحَسَنَةِ تَفَضُّلًا وَالثَّوَابُ غَيْرُهَا وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْهَا. وَقَالَ آخَرُونَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْعَشْرَةِ هُوَ الثَّوَابَ وَالتِّسْعَةُ تَفَضُّلًا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ أَعْظَمَ وَأَعْلَى شَأْنًا مِنَ التِّسْعَةِ. وَنَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ النَّظَرِيَّاتِ كُلَّهَا ضَعِيفَةٌ وَلَا فَائِدَةَ فِيهَا، وَإِذَا كَانَ التَّفَضُّلُ مَا زَادَ وَفَضَلَ عَلَى أَصْلِ الثَّوَابِ الْمُسْتَحَقِّ بِوَعْدِ اللهِ تَعَالَى وَحِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ فَأَيُّ مَانِعٍ أَنْ يَزِيدَ الْفَرْعُ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ تَابِعٌ لَهُ وَمُتَوَقِّفٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ الثَّوَابُ حِينَئِذٍ عَبَثًا عَلَى تَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ لَوْ كَانَ التَّفَضُّلُ يَحْصُلُ بِدُونِهِ فَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنْهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ.
وَقَدْ أَوْرَدَ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ إِشْكَالَاتٍ شَرْعِيَّةً وَأَجَابَ عَنْهَا أَجْوِبَةً ضَعِيفَةً قَالَ: (الْأَوَّلُ) كُفْرُ سَاعَةٍ كَيْفَ يُوجِبُ عِقَابَ الْأَبَدِ عَلَى نِهَايَةِ التَّغْلِيظِ. (جَوَابُهُ) أَنَّهُ كَانَ الْكَافِرُ عَلَى عَزْمٍ أَنَّهُ لَوْ عَاشَ أَبَدًا لَبَقِيَ عَلَى ذَلِكَ الِاعْتِقَادِ أَبَدًا، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْعَزْمُ مُؤَبَّدًا عُوقِبَ عِقَابَ الْأَبَدِ، خِلَافَ الْمُسْلِمِ الْمُذْنِبِ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَى عَزْمِ الْإِقْلَاعِ عَنْ ذَلِكَ الذَّنْبِ فَلَا جَرَمَ كَانَتْ عُقُوبَتُهُ مُنْقَطِعَةً. انْتَهَى بِنَصِّهِ.
وَنَقُولُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ: (أَوَّلًا) إِنَّنَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ كُلَّ كَافِرٍ يَعْزِمُ أَوْ يَخْطُرُ بِبَالِهِ الْعَزْمُ الْمَذْكُورُ وَلَا سِيَّمَا مَنْ عَرَضَتْ لَهُ عَقِيدَةٌ أَوْ فَعْلَةٌ مِمَّا عَدُّوهُ كُفْرًا سَاعَةً مِنَ الزَّمَانِ وَمَاتَ عَلَيْهَا، وَالْكَفْرُ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْفُقَهَاءِ لَا يَنْحَصِرُ فِي جُحُودِ الْعِنَادِ وَرُبَّمَا كَانَ أَكْثَرُ الْكُفَّارِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ نَاجُونَ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى. (ثَانِيًا) أَنَّ كَوْنَ الْعِقَابِ الْأَبَدِيِّ عَلَى الْعَزْمِ الْمَذْكُورِ يَحْتَاجُ إِلَى نَصٍّ، وَالْعَقْلُ لَا يُوجِبُهُ بَلْ لَا يُوجِبُ عِنْدَ الْأَشْعَرِيَّةِ حُكْمًا مَا مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ، وَهَذَا الْإِشْكَالُ لَا يَرِدُ عَلَى مَا جَرَيْنَا عَلَيْهِ هُنَا تَبَعًا لِمَا وَضَّحْنَاهُ مِرَارًا مِنْ كَوْنِ الْجَزَاءِ عَلَى قَدْرِ تَأْثِيرِ الِاعْتِقَادِ وَالْعَمَلِ فِي النَّفْسِ. (ثَالِثُهَا) قَدْ تَنَصَّلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ هَذَا الْإِشْكَالِ بِمِثْلِ مَا نَقَلْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ
(خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) (128) وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا نَفْيُ كَوْنِ الْعَذَابِ أَبَدِيًّا لَا نِهَايَةَ لَهُ، وَثَانِيهُمَا تَفْوِيضُ الْأَمْرِ فِيهِ إِلَى حِكْمَةِ اللهِ تَعَالَى وَعِلْمِهِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست