responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 207
بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا " إِلَخْ. وَالَّذِي صَرَّحُوا بِهِ أَنَّهَا فِي الْفَرِيقَيْنِ، فَإِنَّ مَعْنَى الظُّلْمِ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ النَّقْصُ مِنَ الشَّيْءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (كِلْتَا
الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا) (18: 33) ثُمَّ تُوُسِّعَ فِيهِ فَأُطْلِقَ عَلَى كُلِّ تَعَدٍّ وَإِيذَاءٍ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ لَا يُظْلَمُونَ فِي يَوْمِ الْجَزَاءِ لَا مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِمَا ذُكِرَ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ إِذْ لَا سُلْطَانَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ وَلَا كَسْبَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يُمَكِّنُهُ مِنَ الظُّلْمِ كَمَا يَفْعَلُ الْأَقْوِيَاءُ الْأَشْرَارُ فِي الدُّنْيَا بِالضُّعَفَاءِ. وَفِي جَوَازِ تَعَلُّقِ الْقُدْرَةِ الْإِلَهِيَّةِ بِالظُّلْمِ وَعَدَمِهِ جِدَالٌ بَيْنَ الْأَشْعَرِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ، يَتَأَوَّلُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآيَاتِ لِتَصْحِيحِ مَذْهَبِهِ فِيهِ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ الْحَقِّ فِيهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَيُرَاجَعُ فِيهِ وَفِي مَعْنَى مُضَاعَفَةِ الْأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا) (4: 40) فَإِنَّهُ يُجَلِّي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا يُعْلَمُ مِنْهُ مَا فِي خِلَافِ الْأَشْعَرِيَّةِ مَعَ الْمُعْتَزِلَةِ مِنَ الضَّعْفِ فِي مَسْأَلَةِ جَوَازِ الظُّلْمِ عَلَى الْبَارِي تَعَالَى عَقْلًا وَاسْتِحَالَتِهِ بِحَيْثُ لَا يُقَالُ إِنَّ الْبَارِيَ سُبْحَانَهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ.
رَوَى أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: " إِنَّ اللهَ تَعَالَى كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ - ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً " هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ، وَقَالُوا: إِنَّ مَعْنَى كَتَبَهَا اللهُ لَهُ، أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِذَلِكَ. وَأَخَذُوا هَذَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ مِنَ الْبُخَارِيِّ مَرْفُوعًا قَالَ: " يَقُولُ اللهُ إِذَا أَرَادَ عَبْدِي أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَلَا تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا عَلَيْهِ بِمِثْلِهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِي فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ " وَهَذَا يُفَسِّرُ كِتَابَةَ تَرْكِ عَمَلِ السَّيِّئَةِ حَسَنَةً بِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ لِأَمْرٍ سَلْبِيٍّ مَحْضٍ بَلْ لِعَمَلٍ نَفْسِيٍّ، وَهُوَ مُخَالَفَةُ النَّفْسِ بِكَفِّهَا عَنْ عَمَلِ السَّيِّئَةِ مِنْ أَجْلِ ابْتِغَاءِ رِضْوَانِ اللهِ وَاتِّقَاءِ سَخَطِهِ وَعَذَابِهِ. وَرَوَى أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَقُولُ: وَاللهِ لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ - فَقُلْتُ: قَدْ قُلْتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؛ صُمْ وَأَفْطِرْ، وَنَمْ وَقُمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَذَلِكَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ " وَرَوَى
مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبٍ الْأَنْصَارِيِّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 207
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست