responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 183
كَمًّا دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِفْهَامُ الْإِنْكَارِيُّ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ، لَا عَلَى مُجَرَّدِ ظُلْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ بِالتَّكْذِيبِ. وَقَدْ أَكَّدَ ذَلِكَ بِالتَّصْرِيحِ بِالسَّبَبِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِدَلَالَةِ صِلَةِ الْمَوْصُولِ عَلَيْهِ - فَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ النَّحْلِ: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ) (16: 88) أَيْ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا سَيِّئًا شَدِيدًا بِصَدِّهِمُ النَّاسَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ، فَوْقَ الْعَذَابِ عَلَى كُفْرِهِمْ بِسَبَبِ إِفْسَادِهِمْ فِي الْأَرْضِ بِهَذَا الصَّدِّ عَنِ الْحَقِّ. وَقَالَ فِي الْآيَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (16: 89) فَهَاتَانِ الْآيَتَانِ مِنْ سُورَةِ النَّحْلِ بِمَعْنَى آيَةِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ.
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ)
بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى فِي السِّيَاقِ الْأَخِيرِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ أُصُولَ الدِّينِ فِي الْآدَابِ وَالْفَضَائِلِ، فِي إِثْرِ تَفْصِيلِ السُّورَةِ لِجَمِيعِ أُصُولِ الْعَقَائِدِ، وَقَفَّى عَلَى ذَلِكَ بِالْإِعْذَارِ إِلَى كُفَّارِ مَكَّةَ وَمَنْ يَتَّبِعُهُمْ مِنَ الْعَرَبِ، الَّذِينَ كَانُوا يُقْسِمُونَ بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ
لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ الْمُجَاوِرَةِ لَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. فَلَمَّا جَاءَهُمُ النَّذِيرُ اسْتَكْبَرُوا وَزَادُوا نُفُورًا عَنِ الْإِيمَانِ، وَقَرَنَ هَذَا الْإِعْذَارَ بِالْإِنْذَارِ الشَّدِيدِ وَالْوَعِيدِ بِسُوءِ الْعَذَابِ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ وَفِي هَذِهِ أَيْضًا، فَإِنَّهُ حَصَرَ فِيهَا مَا أَمَامَهُمْ وَأَمَامَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ بِمَا يُعَرِّفُهُمْ بِحَقِيقَةِ مَا يَنْتَظِرُونَ فِي مُسْتَقْبَلِ أَمْرِهِمْ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مَا يَتَمَنَّوْنَ مِنْ مَوْتِ الرَّسُولِ، وَانْطِفَاءِ نُورِ الْإِسْلَامِ بِمَوْتِهِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ فَقَالَ:
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ) أَيْ إِنَّهُمْ لَا يَنْتَظِرُونَ إِلَّا أَحَدَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ أَمَامَهُمْ غَايَةٌ يَنْتَهُونَ إِلَيْهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ بِحَسَبَ سُنَنِ اللهِ فِي الْخَلْقِ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ - وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ (يَأْتِيَهُمُ) - الْمَلَائِكَةُ، أَيْ مَلَائِكَةُ الْمَوْتِ لَقَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ فُرَادَى، أَوْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ لِاسْتِئْصَالِهِمْ (وَهَذَا الْأَخِيرُ خَاصٌّ بِالْأُمَمِ الَّتِي يُعَانِدُ الرُّسُلَ سَوَادُهَا الْأَعْظَمُ بَعْدَ أَنْ يَأْتُوهَا بِالْآيَاتِ الْمُقْتَرَحَةِ) أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست