responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 191
لِأَنَّ الْوَسَخَ أَكْثَرُ عُرُوضًا لَهُمَا مِنْ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ، فَإِذَا لَمْ يَمْسَحْهُ لَا يُؤَثِّرُ الْمَاءُ الَّذِي يُصَبُّ عَلَيْهِمَا التَّأْثِيرَ الْمَطْلُوبَ لِتَنْظِيفِهِمَا ; إِذْ يَغْلِبُ عَلَيْهِمَا الْجَفَافُ وَالْوَسَخُ، وَبِمَسْحِهِمَا فِي الْغَسْلِ يَسْتَغْنِي بِقَلِيلِ الْمَاءِ عَنْ كَثِيرِهِ فِي تَنْظِيفِهِمَا، وَالِاقْتِصَادُ فِي
الْمَاءِ وَغَيْرِهِ مِنَ السُّنَّةِ، وَكَانُوا فِي زَمَنِ التَّنْزِيلِ قَلِيلِي الْمَاءِ فِي الْحِجَازِ، وَقَدْ تَنَبَّهَ الزَّمَخْشَرِيُّ لِهَذَا الْمَعْنَى، فَقَالَ فِي بَيَانِ حِكْمَةِ قِرَاءَةِ الْجَرِّ: " الْأَرْجُلُ مِنْ بَيْنِ الْأَعْضَاءِ الثَّلَاثَةِ الْمَغْسُولَةِ، تُغْسَلُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا، فَكَانَتْ مَظِنَّةً لِلْإِسْرَافِ الْمَذْمُومِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، فَعُطِفَتْ عَلَى الرَّابِعِ الْمَمْسُوحِ، لَا لِتُمْسَحَ، وَلَكِنْ لِيُنَبَّهَ عَلَى وُجُوبِ الِاقْتِصَادِ فِي صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: إِلَى الْكَعْبَيْنِ، فَجِيءَ بِالْغَايَةِ إِمَاطَةً لِظَنِّ ظَانٍّ يَحْسَبُهَا مَمْسُوحَةً ; لِأَنَّ الْمَسْحَ لَمْ تُضْرَبْ لَهُ غَايَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ. انْتَهَى. وَالصَّوَابُ: لِتُمْسَحَ حِينَ تُغْسَلُ.
وَقَدْ أَطْنَبَ السَّيِّدُ الْآلُوسِيُّ فِي رُوحِ الْمَعَانِي فِي تَوْجِيهِ كُلٍّ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ لِلْقِرَاءَتَيْنِ، وَتَحْوِيلِ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى، وَرَجَّحَ قَوْلَ أَهْلِ السُّنَّةِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنِ الشِّيعَةِ فَقَالَ: " بَقِيَ لَوْ قَالَ قَائِلٌ: لَا أَقْنَعُ بِهَذَا الْمِقْدَارِ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى غَسْلِ الْأَرْجُلِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، مَا لَمْ يَنْضَمَّ إِلَيْهَا مِنْ خَارِجٍ مَا يُقَوِّي تَطْبِيقَ أَهْلِ السُّنَّةِ ; فَإِنَّ كَلَامَهُمْ وَكَلَامَ الْإِمَامِيَّةِ فِي ذَلِكَ، عَسَى أَنْ يَكُونَ فَرَسَيْ رِهَانٍ، قِيلَ لَهُ: " إِنَّ سُنَّةَ خَيْرِ الْوَرَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَآثَارَ الْأَئِمَّةِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، شَاهِدَةٌ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ أَهْلُ السُّنَّةِ، وَهِيَ مِنْ طَرِيقِهِمْ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى، وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ الْقَوْمِ فَقَدْ رَوَى الْعَيَّاشِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ الْقَدَمَيْنِ، فَقَالَ: تُغْسَلَانِ غَسْلًا ".
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ: إِذَا نَسِيتَ مَسْحَ رَأْسِكَ حَتَّى غَسَلْتَ رِجْلَيْكَ فَامْسَحْ رَأْسَكَ ثُمَّ اغْسِلْ رِجْلَيْكَ، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَيْضًا الْكَلْبِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ الطُّوسِيُّ، بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ، بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ تَضْعِيفُهَا، وَلَا الْحَمْلُ عَلَى التَّقِيَّةِ ; لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ بِذَلِكَ شِيعِيٌّ خَاصٌّ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللهُ تَعَالَى وَجْهَهُ، أَنَّهُ قَالَ: جَلَسْتُ أَتَوَضَّأُ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا غَسَلْتُ قَدَمَيَّ قَالَ: يَا عَلِيُّ خَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ. وَنَقَلَ الشَّرِيفُ الرَّضِيُّ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ تَعَالَى وَجْهَهُ، فِي نَهْجِ الْبَلَاغَةِ، حِكَايَةَ وُضُوئِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرَ فِيهِ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَفْهُومَ الْآيَةِ كَمَا قَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ، وَلَمْ يَدَّعِ أَحَدٌ مِنْهُمُ النَّسْخَ لِيَتَكَلَّفَ لِإِثْبَاتِهِ كَمَا ظَنَّهُ مَنْ لَا وُقُوفَ لَهُ، وَمَا يَزْعُمُهُ الْإِمَامِيَّةُ مِنْ نِسْبَةِ الْمَسْحِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ وَغَيْرِهِمَا، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - كَذِبٌ مُفْتَرًى عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ مَا رُوِيَ عَنْهُ بِطْرِيقٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ جَوَّزَ الْمَسْحَ، إِلَّا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ بِطَرِيقِ التَّعَجُّبِ: لَا نَجِدُ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى إِلَّا الْمَسْحَ، وَلَكِنَّهُمْ أَبَوْا إِلَّا الْغَسْلَ. وَمُرَادُهُ أَنَّ ظَاهِرَ الْكِتَابِ يُوجِبُ الْمَسْحَ عَلَى قِرَاءَةِ الْجَرِّ الَّتِي كَانَتْ قِرَاءَتَهُ، وَلَكِنَّ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 191
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست