responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 190
بِعُمُومِ مَسْحِ الْوَجْهِ بِالتُّرَابِ فِي التَّيَمُّمِ، وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمَا الْمُتَوَضِّئُ كَانَ مُسْتَحِقًّا اسْمَ مَاسِحٍ غَاسِلٍ ; لِأَنَّ غَسْلَهُمَا إِمْرَارُ الْمَاءِ عَلَيْهِمَا أَوْ إِصَابَتُهُمَا بِالْمَاءِ، وَمَسْحُهُمَا إِمْرَارُ الْيَدِ وَمَا قَامَ مَقَامَ الْيَدِ عَلَيْهِمَا، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمَا فَاعِلٌ فَهُوَ غَاسِلٌ مَاسِحٌ، وَكَذَلِكَ مِنِ احْتِمَالِ الْمَسْحِ الْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ وَصَفْتُ مِنَ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ اللَّذَيْنِ أَحَدُهُمَا مَسْحٌ بِبَعْضٍ، وَالْآخَرُ مَسْحٌ بِالْجَمِيعِ، وَاخْتَلَفَتْ قِرَاءَةُ الْقُرَّاءِ فِي قَوْلِهِ وَأَرْجُلَكُمْ فَنَصَبَهَا بَعْضُهُمْ تَوْجِيهًا مِنْهُ ذَلِكَ إِلَى أَنَّ الْفَرْضَ فِيهِمَا الْغَسْلُ، وَإِنْكَارًا مِنْهُ الْمَسْحَ عَلَيْهِمَا مَعَ تَظَاهُرِ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعُمُومِ مَسْحِهِمَا بِالْمَاءِ، وَخَفَضَهَا بَعْضُهُمْ تَوْجِيهًا مِنْهُ ذَلِكَ إِلَى أَنَّ الْفَرْضَ فِيهِمَا الْمَسْحُ، وَلَمَّا قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ: إِنَّهُ مَعْنِيٌّ بِهِ عُمُومُ مَسْحِ الرِّجْلَيْنِ بِالْمَاءِ كَرِهَ مَنْ كَرِهَ، لِلْمُتَوَضِّئِ الِاجْتِزَاءَ بِإِدْخَالِ رِجْلَيْهِ فِي الْمَاءِ دُونَ مَسْحِهِمَا بِيَدِهِ، أَوْ بِمَا قَامَ مَقَامَ الْيَدِ؛ تَوْجِيهًا مِنْهُ قَوْلَهُ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ إِلَى مَسْحِ جَمِيعِهِمَا عَامًّا بِالْيَدِ، أَوْ بِمَا قَامَ مَقَامَ الْيَدِ
دُونَ بَعْضِهِمَا مَعَ غَسْلِهِمَا بِالْمَاءِ، وَهَهُنَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ لِمَنْ يَتَوَضَّأُ فِي السَّفِينَةِ أَنْ يَغْمِسَ رِجْلَيْهِ فِي الْمَاءِ غَمْسًا، وَفِي رِوَايَةٍ: يَخْفِضُ قَدَمَيْهِ فِي الْمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: فَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْحِ الْمَعْنَيَانِ اللَّذَانِ وَصَفْنَا مِنْ عُمُومِ الرِّجْلَيْنِ بِهِ بِالْمَاءِ، وَخُصُوصِ بَعْضِهِمَا بِهِ، وَكَانَ صَحِيحًا بِالْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ الَّتِي سَنَذْكُرُهَا بَعْدُ، أَنَّ مُرَادَ اللهِ مِنْ مَسْحِهِمَا الْعُمُومُ، وَكَانَ لِعُمُومِهِمَا بِذَلِكَ مَعْنَى الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ ; فَبَيِّنٌ صَوَابُ قِرَاءَةِ الْقِرَاءَتَيْنِ جَمِيعًا، أَعْنِي النَّصْبَ فِي الْأَرْجُلِ وَالْخَفْضَ ; لِأَنَّ فِي عُمُومِ الرِّجْلَيْنِ بِمَسْحِهِمَا بِالْمَاءِ: غَسْلُهُمَا، وَفِي إِمْرَارِ الْيَدِ وَمَا قَامَ مَقَامَ الْيَدِ عَلَيْهِمَا: مَسْحُهُمَا. فَوَجَّهَ صَوَابَ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ نَصْبًا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مَعْنَى عُمُومِهِمَا بِإِمْرَارِ الْمَاءِ عَلَيْهِمَا، وَوَجَّهَ صَوَابَ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَهُ خَفْضًا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إِمْرَارِ الْيَدِ عَلَيْهِمَا أَوْ مَا قَامَ مَقَامَ الْيَدِ مَسْحًا بِهِمَا، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، وَكَانَتِ الْقِرَاءَتَانِ كِلْتَاهُمَا حَسَنًا صَوَابًا، فَأَعْجَبُ الْقِرَاءَتَيْنِ إِلَيَّ أَنْ أَقْرَأَهَا قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ خَفْضًا ; لِمَا وَصَفْتُ مِنْ جَمْعِ الْمَسْحِ الْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ وَصَفْتُ، وَلِأَنَّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ فَالْعَطْفُ بِهِ عَلَى الرُّءُوسِ مَعَ قُرْبِهِ مِنْهُ أَوْلَى مِنَ الْعَطْفِ بِهِ عَلَى الْأَيْدِي، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِقَوْلِهِ: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسْحِ فِي الرِّجْلَيْنِ، الْعُمُومُ دُونَ أَنْ يَكُونَ خُصُوصًا، نَظِيرَ قَوْلِكَ فِي الْمَسْحِ بِالرَّأْسِ؟ قِيلَ: الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ تَظَاهُرُ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ وَبُطُونِ الْأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ " وَلَوْ كَانَ مَسْحُ بَعْضِ الْقَدَمِ مُجْزِيًا عَنْ عُمُومِهَا بِذَلِكَ لَمَا كَانَ لَهَا الْوَيْلُ بِتَرْكِ مَا تُرِكَ مَسْحُهُ مِنْهَا بِالْمَاءِ بَعْدَ أَنْ يَمْسَحَ بَعْضًا ; لِأَنَّ مَنْ أَدَّى فَرْضَ اللهِ عَلَيْهِ فِي مَا لَزِمَهُ غَسْلُهُ مِنْهَا، لَمْ يَسْتَحِقَّ الْوَيْلَ، بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ الثَّوَابُ الْجَزِيلُ، فَوُجُوبُ الْوَيْلِ لِعَقِبِ تَارِكِ غَسْلِ عَقِبِهِ فِي وُضُوئِهِ أَوْضَحُ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ فَرْضِ الْعُمُومِ بِمَسْحِ جَمِيعِ الْقَدَمِ بِالْمَاءِ وَصِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ، وَفَسَادِ مَا خَالَفَهُ. انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ جَرِيرٍ، وَرَأْيُهُ وَاضِحٌ، وَهُوَ الْعَمَلُ بِالْقِرَاءَتَيْنِ مَعًا، بِأَنْ يَغْسِلَ الْمُتَوَضِّئُ رِجْلَيْهِ وَيَمْسَحَهُمَا بِيَدَيْهِ أَوْ غَيْرِ يَدَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْغَسْلِ ; لِأَجْلِ اسْتِيعَابِ غَسْلِهِمَا عِنَايَةً بِنَظَافَتِهِمَا
;

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 190
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست