responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 19
لِأَنَّهُ مَبْعُوثٌ إِلَيْهِمْ، وَكُلُّ نَبِيٍّ شَهِيدٌ عَلَى قَوْمِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (4: 41) وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ كُلَّ
أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ يُؤْمِنُ بِعِيسَى قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ عِيسَى لَمَّا يَمُتْ، وَأَنَّهُ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ قَبْلَ وَفَاتِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ أَوَّلُوا قَوْلَهَ تَعَالَى: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ (3: 55) وَهُمْ عَلَى هَذَا يَحْتَاجُونَ إِلَى تَأْوِيلِ النَّفْيِ الْعَامِّ هُنَا بِتَخْصِيصِهِ بِمَنْ يَكُونُ مِنْهُمْ حَيًّا عِنْدَ نُزُولِهِ، فَيَقُولُونَ: الْمَعْنَى: وَمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَنْزِلُ الْمَسِيحُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ، وَيَتْبَعَنَّهُ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنَ الْآيَةِ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ، وَهَذَا التَّخْصِيصُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى شَيْءٍ لَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ حَتَّى يَكُونَ قَرِينَةً لَهُ، وَالْأَخْبَارُ الَّتِي وَرَدَتْ فِيهِ لَمْ تَرِدْ مُفَسِّرَةً لِلْآيَةِ.
أَمَّا الْمَعْنَى الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ مِنَ النَّظْمِ الْبَلِيغِ، فَيُؤَيِّدُهُ مَا وَرَدَ مِنِ اطِّلَاعِ النَّاسِ قَبْلَ مَوْتِهِمْ، عَلَى مَنَازِلِهِمْ فِي الْآخِرَةِ، وَمِنْ كَوْنِهِمْ يُبَشَّرُونَ بِرِضْوَانِ اللهِ وَكَرَامَتِهِ، أَوْ بِعَذَابِهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَفِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فِي الصَّحِيحَيْنِ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللهِ وَكَرَامَتِهِ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حُضِرَ، بِضَمِّ الْحَاءِ: أَيْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ، بُشِّرَ بِعَذَابِ اللهِ وَعُقُوبَتِهِ، وَرَوَى أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. وَعَنْ عَائِشَةَ زِيَادَةٌ فِي حَدِيثِ: " مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ " الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَهِيَ أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ كُلُّنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ، فَقَالَ: " لَيْسَ ذَلِكَ كَرَاهِيَةَ الْمَوْتِ وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حُضِرَ جَاءَهُ الْبَشِيرُ مِنَ اللهِ بِمَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ لَقِيَ اللهَ فَأَحَبَّ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ إِذَا حُضِرَ جَاءَهُ الْبَشِيرُ مِنَ اللهِ بِمَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ مِنَ الشَّرِّ، فَكَرِهَ لِقَاءَ اللهِ فَكَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ.
وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَابْنُ مَنْدَهْ، بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " مَا مِنْ نَفْسٍ تُفَارِقُ الدُّنْيَا حَتَّى تَرَى مَقْعَدَهَا مِنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ " وَرَوَى مِثْلَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمَّ، عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا. فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تُؤَيِّدُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ ; مِنْ كَوْنِ الْمَلَائِكَةِ تُخَاطِبُ مَنْ يَمُوتُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَ خُرُوجِ رُوحِهِ، بِحَقِيقَةِ أَمْرِ الْمَسِيحِ، مَعَ الْإِنْكَارِ الشَّدِيدِ وَالتَّقْبِيحِ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذِهِ الْحَقِيقَةَ النَّصُّ فِي سُورَةِ يُونُسَ عَلَى تَصْرِيحِ فِرْعَوْنَ بِالْإِيمَانِ حِينَ أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ. وَلَهَا دَلَائِلُ أُخْرَى كَالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي عَدَمِ قَبُولِ التَّوْبَةِ عِنْدَ الْغَرْغَرَةِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست