responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 175
بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْعَارِفِينَ كَالصِّبْيَانِ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْبَالِغِينَ، وَلَكِنْ عَلَى الصِّبْيَانِ أَنْ يَسْأَلُوا الْبَالِغِينَ عَمَّا لَا يَفْهَمُونَهُ، وَعَلَى الْبَالِغِينَ أَنْ يُجِيبُوا الصِّبْيَانَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ شَأْنِكُمْ وَلَسْتُمْ مَنْ أَهْلِهِ فَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ فَقَدْ قِيلَ لِلْجَاهِلِينَ: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ [21: 7] فَإِنْ كَانُوا يُطِيقُونَ فَهْمَهُ فَهِمُوهُمْ وَإِلَّا قَالُوا لَهُمْ: وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [17: 85] فَلَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ، مَا لَكُمْ وَلِهَذَا السُّؤَالِ؟ هَذِهِ مَعَانٍ الْإِيمَانُ بِهَا وَاجِبٌ وَالْكَيْفِيَّةُ مَجْهُولَةٌ أَيْ مَجْهُولَةٌ لَكُمْ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ كَمَا قَالَ مَالِكٌ: " الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ وَالْكَيْفِيَّةُ مَجْهُولَةٌ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ ". فَإِذَنِ الْإِيمَانُ بِالْجُمْلِيَّاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مُفَصَّلَةً فِي الذِّهْنِ مُمْكِنٌ، وَلَكِنْ تَقْدِيسُهُ الَّذِي هُوَ نَفْيٌ لِلْمُحَالِ عَنْهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُفَصَّلًا فَإِنَّ الْمَنْفِيَّ هِيَ الْجِسْمِيَّةُ وَلَوَازِمُهَا وَنَعْنِي بِالْجِسْمِ هَاهُنَا الشَّخْصَ الْمُقَدَّرَ الطَّوِيلَ الْعَرِيضَ الْعَمِيقَ الَّذِي يَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ أَنْ يُوجَدَ بِحَيْثُ هُوَ الَّذِي يَدْفَعُ مَا يَطْلُبُ مَكَانَهُ وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا، وَيَنْدَفِعُ وَيَتَنَحَّى عَنْ مَكَانِهِ بِقُوَّةٍ دَافِعَةٍ إِنْ كَانَ ضَعِيفًا، وَإِنَّمَا شَرَحْنَا هَذَا اللَّفْظَ مَعَ ظُهُورِهِ لِأَنَّ الْعَامِّيَّ رُبَّمَا لَا يَفْهَمُ الْمُرَادَ بِهِ.
(الْوَظِيفَةُ الثَّالِثَةُ - الِاعْتِرَافُ بِالْعَجْزِ) وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ لَا يَقِفُ عَلَى كُنْهِ هَذِهِ الْمَعَانِي وَحَقِيقَتِهَا وَلَمْ يَعْرِفْ تَأْوِيلَهَا وَالْمَعْنَى الْمُرَادَ بِهِ أَنْ يُقِرَّ بِالْعَجْزِ، فَإِنَّ التَّصْدِيقَ وَاجِبٌ وَهُوَ عَنْ دَرْكِهِ عَاجِزٌ، فَإِنِ
ادَّعَى الْمَعْرِفَةَ فَقَدْ كَذَبَ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ: الْكَيْفِيَّةُ مَجْهُولَةٌ ; يَعْنِي: تَفْصِيلُ الْمُرَادِ بِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ، بَلِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ وَالْعَارِفُونَ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ إِنْ جَاوَزُوا فِي الْمَعْرِفَةِ حُدُودَ الْعَوَامِّ وَجَالُوا فِي مَيْدَانِ الْمَعْرِفَةِ وَقَطَعُوا مِنْ بَوَادِيهَا أَمْيَالًا كَثِيرَةً، فَمَا بَقِيَ لَهُمْ مِمَّا لَمْ يَبْلُغُوهُ - وَهُوَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ - أَكْثَرُ، بَلْ لَا نِسْبَةَ لِمَا طُوِيَ عَنْهُمْ إِلَى مَا كُشِفَ لَهُمْ لِكَثْرَةِ الْمَطْوِيِّ وَقِلَّةِ الْمَكْشُوفِ بِالْإِضَافَةِ إِلَيْهِ وَبِالْإِضَافَةِ إِلَى الْمَطْوِيِّ الْمَسْتُورِ.
قَالَ سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ -: لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ وَبِالْإِضَافَةِ إِلَى الْمَكْشُوفِ قَالَ - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ -: أَعْرَفُكُمْ بِاللهِ أَخْوَفُكُمْ لِلَّهِ، وَأَنَا أَعْرَفُكُمْ بِاللهِ وَلِأَجْلِ كَوْنِ الْعَجْزِ وَالْقُصُورِ ضَرُورِيًّا فِي آخِرِ الْأَمْرِ بِالْإِضَافَةِ إِلَى مُنْتَهَى الْحَالِ، قَالَ سَيِّدُ الصِّدِّيقِينَ: " الْعَجْزُ عَنْ دَرْكِ الْإِدْرَاكِ إِدْرَاكٌ " فَأَوَائِلُ حَقَائِقِ هَذِهِ الْمَعَانِي بِالْإِضَافَةِ إِلَى عَوَامِّ الْخَلْقِ كَأَوَاخِرِهَا بِالْإِضَافَةِ إِلَى خَوَاصِّ الْخَلْقِ فَكَيْفَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمُ الِاعْتِرَافُ بِالْعَجْزِ؟
(الْوَظِيفَةُ الرَّابِعَةُ - السُّكُوتُ عَنِ السُّؤَالِ) وَذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَى الْعَوَامِّ لِأَنَّهُ بِالسُّؤَالِ مُتَعَرِّضٌ لِمَا لَا يُطِيقُهُ وَخَائِضٌ فِيمَا لَيْسَ أَهْلًا لَهُ، فَإِنْ سَأَلَ جَاهِلًا زَادَهُ جَوَابُهُ جَهْلًا، وَرُبَّمَا وَرَّطَهُ فِي الْكُفْرِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ، وَإِنْ سَأَلَ عَارِفًا عَجَزَ الْعَارِفُ عَنْ تَفْهِيمِهِ، بَلْ عَجَزَ عَنْ تَفْهِيمِ وَلَدِهِ مَصْلَحَتَهُ فِي خُرُوجِهِ إِلَى الْمَكْتَبِ، بَلْ عَجَزَ الصَّائِغُ عَنْ تَفْهِيمِ النَّجَّارِ صِنَاعَتَهُ، فَإِنَّ النَّجَّارَ - وَإِنْ كَانَ بَصِيرًا بِصِنَاعَتِهِ -

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 175
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست