responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 124
الْوَضْعِيَّةِ، فَثَبَتَ أَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ عَلَى النِّسْيَانِ وَالْخَطَأِ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ وَجَرَى عَلَيْهِ عُرْفُ النَّاسِ فِي مُعَامَلَاتِهِمْ وَقَوَانِينِهِمْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كُلٌّ مِنَ النَّاسِي وَالْمُخْطِئِ مُقَصِّرًا لَمَا كَانَ هَذَا، وَكَمَا جَازَ ذَلِكَ وَحَسُنَ يَجُوزُ أَنْ يُؤَاخِذَ اللهُ النَّاسَ فِي الْآخِرَةِ بِكُلِّ مَا يَأْتُونَهُ مِنَ الْمُنْكَرِ نَاسِينَ تَحْرِيمَهُ أَوْ وَاقِعِينَ فِيهِ خَطَأً، وَلَكِنَّهُ - تَعَالَى - عَلَّمَنَا أَنْ نَدْعُوَهُ بِأَلَّا يُؤَاخِذَنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا، وَذَلِكَ مِنْ فَضْلِهِ عَلَيْنَا وَإِحْسَانِهِ فِي هِدَايَتِنَا، فَإِنَّ هَذَا الدُّعَاءَ يُذَكِّرُنَا بِمَا يَنْبَغِي مِنَ الْعِنَايَةِ وَالِاحْتِيَاطِ وَالتَّفَكُّرِ وَالتَّذَكُّرِ لَعَلَّنَا نَسْلَمُ مِنَ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ أَوْ يَقِلُّ وُقُوعُهُمَا مِنَّا فَيَكُونُ ذَنْبًا جَدِيرًا بِالْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ، فَهَذَا الدُّعَاءُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ اللهِ فِي النِّسْيَانِ وَالْخَطَأِ أَلَّا يُؤَاخِذَ عَلَيْهِمَا، بَلْ قُصَارَى مَا يُؤْخَذُ
مِنْهُ أَنَّهُمَا مِمَّا يُرْجَى الْعَفْوُ عَنْهُمَا إِذَا وَقَعَ الْعَبْدُ بَعْدَ بَذْلِ جُهْدِهِ وَالِاحْتِيَاطِ وَالتَّحَرِّي وَالتَّفَكُّرِ وَالتَّذَكُّرِ وَأَخْذِ الدِّينِ بِقُوَّةٍ وَشَعَرَ بِتَقْصِيرِهِ فَلَجَأَ إِلَى الدُّعَاءِ الَّذِي يُقَوِّي فِي النَّفْسِ خَشْيَةَ اللهِ - تَعَالَى - وَالرَّجَاءَ بِفَضْلِهِ، فَيَكُونُ هَذَا الْإِقْبَالُ عَلَى اللهِ - تَعَالَى - نُورًا تَنْقَشِعُ بِهِ ظُلْمَةُ ذَلِكَ التَّقْصِيرِ، وَلَعَلَّ إِيرَادَ الشَّرْطِ بِأَنَّ لِلْإِيذَانِ بِأَنَّ هَذَا خِلَافَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُ وَأَنَّهُ لَا يَقَعُ إِلَّا قَلِيلًا. وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مِمَّا زِدْتُهُ عَلَى كَلَامِ الْأُسْتَاذِ الْإِمَامِ فِي هَذَا الْمَقَامِ.
وَقَدْ يَرُدُّ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَرْفُوعُ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَابْنِ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ فِي السُّنَنِ وَهُوَ: إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يَسْلَمُ لَهُ إِسْنَادٌ، وَلَكِنَّهُ لِكَثْرَةِ طُرُقِهِ يُعَدُّ عِنْدَهُمْ مِنَ الْحَسَنِ لِغَيْرِهِ (قَالَهُ فِي فَتْحِ الْبَيَانِ) وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ مُخَالَفَتَهُ لِظَاهِرِ الْآيَةِ تَدُلُّ عَلَى وَضْعِهِ لَا ضَعْفِهِ إِلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ أَنْفُسَهَا مِمَّا يُتَجَاوَزُ عَنْهَا فِي الْآخِرَةِ وَلِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا حُكْمُهُ، فَإِنْ كَانَ صَلَاةً أُعِيدَتْ وَإِنْ كَانَ ذَنْبًا وَجَبَتِ التَّوْبَةُ مِنْهُ وَالتَّضَرُّعُ إِلَى اللهِ بِالدُّعَاءِ، وَإِلَّا أُوخِذَ النَّاسِي وَالْمُخْطِئُ عَلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى النِّسْيَانِ وَالْخَطَأِ دُونَهُمَا، وَقَدْ أَخْطَأَ الْقَرَافِيُّ فِي فُرُوقِهِ بِمَا كَتَبَ فِي هَذَا الْمَقَامِ خَطَأً نَدْعُو اللهَ أَنْ يَغْفِرَهُ لَهُ.
رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا الْإِصْرُ: الْعِبْءُ الثَّقِيلُ، يَأْصِرُ صَاحِبَهُ أَيْ يَحْبِسُهُ مَكَانَهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ لِثِقَلِهِ، وَحَمَلَهُ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى التَّكَالِيفِ الشَّاقَّةِ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي زَمَنِ التَّشْرِيعِ وَنُزُولِ الْوَحْيِ ; وَلِذَلِكَ قَالَ: كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا أَيْ مِنَ الْأُمَمِ الَّتِي بُعِثَ فِيهَا الرُّسُلُ كَبَنِي إِسْرَائِيلَ. فَقَدْ كَانَتِ التَّكَالِيفُ شَاقَّةً عَلَيْهِمْ جِدًّا، وَفِي تَعْلِيمِنَا هَذَا الدُّعَاءَ بِشَارَةٌ بِأَنَّهُ - تَعَالَى - لَا يُكَلِّفُنَا مَا يَشُقُّ عَلَيْنَا. كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ بَعْدُ فِي قَوْلِهِ: مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ [5: 6] وَهُوَ يَتَضَمَّنُ الِامْتِنَانَ عَلَيْنَا وَإِعْلَامَنَا بِأَنَّهُ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْنَا الْإِصْرَ، وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا شُكْرُهُ لِذَلِكَ، وَحِكْمَةُ الدُّعَاءِ بِذَلِكَ الْآنَ اسْتِشْعَارُ النِّعْمَةِ وَالشُّكْرُ عَلَيْهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْإِصْرَ هُوَ الْعُقُوبَةُ عَلَى تَرْكِ الِامْتِثَالِ وَعَدَمِ حَمْلِ الشَّرِيعَةِ عَلَى وَجْهِهَا،

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست