responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 242
عَلَى أَهْلِهِ، وَهُمْ لَمْ يَقْرَءُوا كِتَابَهُ، وَلَوْ قَرَءُوهُ لَمَا فَهِمُوهُ، وَلَمْ يَتَلَقَّوْا سُنَّتَهُ وَلَوْ سَمِعُوهَا لَمَا وَعَوْهَا، وَلَمْ يَنْظُرُوا فِي عَقَائِدِهِ وَلَوْ نَظَرُوا فِيهَا لَمَا عَقَلُوهَا، وَلَمْ يَعْرِفُوا مُعْظَمَ أَحْكَامِهِ وَمَا يَعْرِفُونَهُ مِنْهَا لَا يَعْمَلُونَ بِهِ.
وَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا وَأَغْرَبُ أَنَّهُمْ بَلَغُوا مِنَ الْوَقَاحَةِ وَالتَّهَجُّمِ أَنْ صَارُوا يُعَارِضُونَ حَمَلَةَ الْقُرْآنِ، وَأَنْصَارَ السُّنَّةِ، وَعُرَفَاءَ الشَّرِيعَةِ، وَحُجَجَ الْعَقَائِدِ، وَحُكَمَاءَ الْأَحْكَامِ، وَيُجَادِلُونَهُمْ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ، وَقَدْ حَلُّوا رَابِطَةَ الدِّينِ وَدَعَوْا إِلَى رَابِطَةٍ أُخْرَى يُسَمُّونَهَا الْوَطَنِيَّةَ يُفَرِّقُونَ بِهَا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَمَا جَرَّأَهُمْ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَّا جَهْلُ الْعَامَّةِ وَقِلَّةُ الَّذِينَ يُمَيِّزُونَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ وَالْأَدْعِيَاءِ الْجَاهِلِينَ، وَلَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْإِيمَانِ لَاسْتَحْيَوْا مِنَ اللهِ تَعَالَى أَنْ يَدَّعُوا هَذِهِ الدَّعَاوَى الَّتِي يُكَذِّبُهُمْ بِهَا كِتَابُهُ كَمَا تُكَذِّبُهُمْ سِيرَةُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، لَكِنَّهُمْ لَا هَمَّ لَهُمْ إِلَّا الْعَامَّةُ الَّتِي يَبْتَغُونَ عِنْدَهَا الرِّزْقَ وَالِاسْتِعْلَاءَ فِي الْأَرْضِ، وَهُمْ فِي مَأْمَنٍ مِنْ فَهْمِهَا مَعْنَى الْإِيمَانِ وَصِفَاتِ أَهْلِهِ; لِأَنَّهُمْ يَحُولُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ كُلِّ مَنْ يُوَجِّهُ وَجْهَهَا إِلَى كِتَابِ اللهِ تَعَالَى الْهَادِي إِلَى ذَلِكَ.
جَعَلَ اللهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ آيَاتٍ، وَوَصَفَهُمْ فِي كِتَابِهِ بِصِفَاتٍ غَيَّرَهَا الْمُحَرِّفُونَ وَاسْتَبْدَلُوا بِهَا آيَاتِ الْغِشِّ وَصِفَاتِ الْمُخَادَعَةِ الَّتِي يَفْتِنُونَ بِهَا الْعَامَّةَ. أَكْبَرُ آيَاتِ الْإِيمَانِ وَأَظْهَرُهَا الِاهْتِدَاءُ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى وَالدَّعْوَةُ إِلَيْهِ، وَإِيثَارُهُ عَلَى كُلِّ مَا يُخَالِفُهُ، وَاحْتِمَالُ الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ فِي سَبِيلِ الْحَقِّ الَّذِي يَهْدِي إِلَيْهِ وَالْخَيْرِ الَّذِي يَحُضُّ عَلَيْهِ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ بَذْلُ الْمَالِ وَالنَّفْسِ، فَمَنْ بَخِلَ بِمَا آتَاهُ اللهُ مِنْ مَالٍ وَقُوَّةٍ عَلَى تَأْيِيدِ كَلِمَةِ اللهِ فَلَا وَزْنَ لِإِيمَانِهِ فِي كِتَابِ اللهِ.
فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُ الْمُقَلِّدُ لِوَالِدَيْهِ وَمُعَاشِرِيهِ وَأَقْرَانِهِ، الَّذِي يَحْسَبُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ; لِأَنَّهُ وُلِدَ وَرُبِّيَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَرَضِيَ بِبَعْضِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ رُسُومِ الدِّينِ، أَوِ اتِّكَالًا عَلَى شَفَاعَةِ الْأَوَّلِينَ، اقْرَأْ أَوِ اسْمَعْ وَتَأَمَّلْ مَا عَاتَبَ اللهُ تَعَالَى بِهِ أَفْضَلَ سَلَفِكَ الصَّالِحِينَ، وَمَا ذَكَرَهُ عَمَّنْ سَبَقَهُمْ مِنْ أَتْبَاعِ النَّبِيِّينَ.
وَيَا أَيُّهَا الْعُلَمَاءُ بِالرُّسُومِ، وَالْعَاكِفُونَ عَلَى قِرَاءَةِ كُتُبِ الْعُلُومِ، لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ الْكَاتِبِينَ، فَقَدْ وَضَعَ كِتَابُ اللهِ الْمِيزَانَ لِلصَّادِقِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، فَعَلَيْكُمْ أَنْ تَتَذَكَّرُوا وَتُذَكِّرُوا بِهِ إِخْوَانَكُمُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَصُدَّنَّكُمْ عَنْ آيَاتِ اللهِ وَالِاهْتِدَاءِ بِكِتَابِ اللهِ أَنَّكُمْ فَضَّلْتُمُ النَّاسَ بِقِرَاءَةِ مُطَوَّلَاتِ الْكُتُبِ الْعَرَبِيَّةِ، وَصَرْفِ السِّنِينَ الطِّوَالِ فِي فَهْمِ الْأَحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ، وَالِاكْتِفَاءِ مِنْ عِلْمِ الْإِيمَانِ بِمِثْلِ السَّنُوسِيَّةِ والنَّسَفِيَّةِ; فَإِنَّ يَنْبُوعَ
الْإِيمَانِ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى فَاحْصُوا مَا فِيهِ مِنَ الشُّعَبِ وَالْآيَاتِ عَلَى الْإِيمَانِ (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ) (55: 9) .
وَيَا أَيُّهَا الْأُمَرَاءُ وَالسَّلَاطِينُ الَّذِينَ انْتَحَلْتُمْ لِأَنْفُسِكُمُ الرِّيَاسَةَ فِي هَذَا الدِّينِ، وَإِفَاضَةَ السُّلْطَةِ الدِّينِيَّةِ عَلَى الْعُلَمَاءِ وَالْحَاكِمِينَ، اعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُخَاطَبُونَ كَغَيْرِكُمْ بِهَذِهِ الْآيَاتِ، بَلْ هِيَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 242
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست