responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 71
وَلَفْظِهِ وَمِنْ نُسْخَةٍ عَلَيْهَا خَطُّ الرَّبِيعِ نُقِلَتْ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ لِلْآيَةِ آيَاتٍ فِي كِتَابِهِ: إِنَّهُ وَضَعَ عَنْهُمْ أَنْ يَقُومَ الْوَاحِدُ بِقِتَالِ الْعَشَرَةِ، وَأَثْبَتَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقُومَ الْوَاحِدُ بِقِتَالِ الِاثْنَيْنِ. ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنَ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ وَسَاقَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ لَكِنَّ الْمُنْفَرِدَ لَوْ طَلَبَاهُ وَهُوَ
عَلَى غَيْرِ أُهْبَةٍ جَازَ لَهُ التَّوَلِّي عَنْهُمَا جَزْمًا؟ وَإِنْ طَلَبَهُمَا فَهَلْ يَحْرُمُ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا، لَكِنَّ ظَاهِرَ هَذِهِ الْآثَارِ الْمُتَضَافِرَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَأْبَاهُ وَهُوَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ، وَأَعْرَفُ النَّاسِ بِالْمُرَادِ، لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا أَطْلَقَهُ إِنَّمَا هُوَ فِي صُورَةِ مَا إِذَا قَاوَمَ الْوَاحِدُ الْمُسْلِمُ مِنْ جُمْلَةِ الصَّفِّ فِي عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ اثْنَيْنِ مِنَ الْكُفَّارِ. أَمَّا الْمُفْرَدُ وَحْدَهُ بِغَيْرِ الْعَسْكَرِ فَلَا؛ لِأَنَّ الْجِهَادَ إِنَّمَا عُهِدَ بِالْجَمَاعَةِ دُونَ الشَّخْصِ الْمُنْفَرِدِ، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ أَرْسَلَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بَعْضَ أَصْحَابِهِ سَرِيَةً وَحْدَهُ، وَقَدِ اسْتَوْعَبَ الطَّبَرِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي غَالِبِهَا التَّصْرِيحُ بِمَنْعِ تَوَلِّي الْوَاحِدِ عَنِ الِاثْنَيْنِ، وَاسْتَدَلَّ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي بَعْضِهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ (2: 207) وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ (4: 84) اهـ.
وَمِنْ مَبَاحِثِ الْقِرَاءَاتِ اللَّفْظِيَّةِ فِي الْآيَتَيْنِ أَنَّ ابْنَ كَثِيرٍ وَنَافِعًا وَابْنَ عَامِرٍ قَرَءُوا " يَكُنْ " الْمُسْنَدَ إِلَى الْمِائَةِ فِي الْآيَتَيْنِ بِالتَّاءِ عَلَى التَّأْنِيثِ اللَّفْظِيِّ، وَوَافَقَهُمْ أَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ فِي " يَكُنْ " الَّتِي فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا " يَكُنْ " الْمُسْنَدُ إِلَى عِشْرُونَ صَابِرُونَ فَقَرَأَهَا الْجَمِيعُ بِالتَّذْكِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْنَدَ إِلَيْهِ جَمْعُ مُذَكَّرٍ مَوْصُوفٌ بِمِثْلِهِ. وَمِنْ مَبَاحِثِ الْبَلَاغَةِ فِيهِمَا أَنَّ الْمَعْنَى الْمُرَادَ فِي تَفْضِيلِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ فِي الْقِتَالِ، مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُونَ صَابِرِينَ دُونَ الْكَافِرِينَ أَوْ فَوْقَ صَبْرِهِمْ، وَيَكُونُ الْكَافِرُونَ مِنَ الَّذِينَ لَا يَفْقَهُونَ مِنَ الْمَقَاصِدِ الدِّينِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ مَا يَفْقَهُهُ الْمُؤْمِنُونَ. فَكَانَ مِنْ إِيجَازِ الْقُرْآنِ أَنَّ فِي الْآيَةِ الْأُولَى أَنْ قَيَّدَ الْعِشْرِينَ بِوَصْفِ صَابِرِينَ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِذَلِكَ الْمِائَةَ، وَقَيَّدَ الْغَلَبَ فِي قِتَالِ الْمِائَةِ لِلْأَلْفِ بِأَنْ يَكُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الَّذِينَ وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْقَيْدَ فِي غَلَبِ الْعِشْرِينَ لِلْمِائَةِ مِنْهُمْ، وَكُلٌّ مِنَ الْقَيْدَيْنِ مُرَادٌ، فَأَثْبَتَ فِي كُلٍّ مِنَ الشَّرْطَيْنِ مَا حَذَفَ نَظِيرَهُ فِي الْآخَرِ، وَهُوَ مَا يُسَمَّى فِي الْبَدِيعِ بِالِاحْتِبَاكِ، ثُمَّ إِنَّهُ وَصَفَ الْمِائَةَ فِي آيَةِ التَّخْفِيفِ بِالصَّابِرَةِ؛ لِأَنَّ الصَّبْرَ شَرْطٌ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي كُلِّ حَالٍ وَكُلِّ عَدَدٍ مَعَ عَدَمِ وَصْفِ
الْمِائَةِ فِي الْأُولَى، لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْعَدَدِ الْقَلِيلِ كَالْعِشْرِينِ دُونَ الْكَثِيرِ كَالْمِائَةِ وَالْأَلْفِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْأَلْفِ اسْتِغْنَاءً بِمَا قَبْلَهُ وَبِمَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ وَهُوَ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ: بِإِذْنِ اللهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سُنَّةَ اللهِ تَعَالَى فِي الْغَلَبِ أَنْ يَكُونَ لِلصَّابِرِينَ عَلَى غَيْرِ الصَّابِرِينَ، وَكَذَا عَلَى مَنْ هُمْ أَقَلُّ مِنْهُمْ صَبْرًا، وَفِي هَذَا تَحْذِيرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْغُرُورِ بِدِينِهِمْ، لِئَلَّا يَظُنُّوا أَنَّ الْإِيمَانَ وَحْدَهُ يَقْتَضِي النَّصْرَ وَالْغَلَبَ وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِصِفَاتِهِ اللَّازِمَةِ لِكَمَالِهِ، وَمِنْ أَعْظَمِهَا الصَّبْرُ وَالْعِلْمُ بِحَقَائِقِ الْأُمُورِ وَسُنَنِ اللهِ تَعَالَى فِي الْخَلْقِ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ هُنَا بِالْفِقْهِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 71
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست