responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 70
هُنَا بِوُجُودِ الضَّعْفِ، وَنَسْخُ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ مُقْتَرِنًا بِالْأَمْرِ بِهِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْعَمَلِ بِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْآيَتَيْنِ نَزَلَتَا مَعًا. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حِينَ فُرِضَ عَلَيْهِمْ أَلَّا يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشْرَةٍ، فَجَاءَ التَّخْفِيفُ فَقَالَ: الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ قَالَ: فَلَمَّا خَفَّفَ اللهُ عَنْهُمْ مِنَ الْعِدَّةِ نَقَصَ مِنَ الصَّبْرِ بِقَدْرِ مَا خَفَّفَ عَنْهُمُ اهـ. قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي شَرْحِ الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ: كَذَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَفِي رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: نَقَصَ مِنَ النَّصْرِ اهـ. وَأَقُولُ: مَعْنَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ الصَّبْرَ فِي مُقَاتَلَةِ الضِّعْفَيْنِ دُونَ الصَّبْرِ فِي مُقَاتَلَةِ الْعَشْرَةِ الْأَضْعَافِ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ الْعَدَدِيَّةِ. وَمَعْنَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ النَّصْرَ عَلَى الضِّعْفَيْنِ أَقَلُّ أَوْ أَنْقَصُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى الْعَشْرَةِ الْأَضْعَافِ، وَكِلَاهُمَا لَازِمٌ ضَرُورِيٌّ لِلْآخَرِ. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ لَا تَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ الْأُصُولِيِّ الَّذِي زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا بَيَّنَاهُ مِنْ كَوْنِ الْآيَةِ الْأُولَى عَزِيمَةً أَوْ مُقَيَّدَةً بِحَالِ الْقُوَّةِ، وَالثَّانِيَةِ رُخْصَةً مُقَيَّدَةً بِحَالِ الضَّعْفِ، وَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ ابْنِ رَاهَوَيْهِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْهُ، وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِالنَّسْخِ، قَالَ الْحَافِظُ: فِي سَنَدِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَلَيْسَتْ هَذِهِ
الْقِصَّةُ عِنْدَهُ مُسْنَدَةٌ بَلْ مُعْضَلَةٌ وَصَنِيعُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَتَبِعَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ يَقْتَضِي أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى اهـ. وَأَقُولُ: حَسْبُنَا أَنَّ الْحَافِظَ لَمْ يَقِفْ لَهَا عَلَى سَنَدٍ مُتَّصِلٍ، عَلَى أَنَّ النَّسْخَ فِي عُرْفِ الصَّحَابَةِ أَعَمُّ مِنَ النَّسْخِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ فِي الْأُصُولِ، وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ يَجْعَلُونَ حُكْمَ الثَّانِيَةِ الْوُجُوبَ، وَحُكْمَ الْأُولَى النَّدْبَ، وَيَسْتَدِلُّونَ عَلَى ذَلِكَ بِتَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي جَعَلَ بَعْضُهُمْ لِرِوَايَتِهِ حُكْمَ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ، قَالَ الْحَافِظَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا قَالَهُ الْحَافِظُ تَوْقِيفًا عَلَى مَا يَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ بِطَرِيقِ الِاسْتِقْرَاءِ اهـ. وَنَقُولُ: إِنَّ التَّوْقِيفَ مِنَ الشَّارِعِ مُسْتَبْعَدٌ أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ الَّذِي كَانَ عِنْدَ نُزُولِ السُّورَةِ صَغِيرَ السِّنِّ، فَلَمْ يَحْضُرْ غَزْوَةَ بَدْرٍ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مَا كَانَ يَقُولُهُ فِيهَا يَوْمَئِذٍ، وَكَوْنُهُ سَمِعَهُ بَعْدَ سِنِينَ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِسَمَاعِهِ مُسْتَبْعَدٌ جِدًّا، فَالْوَجْهُ الْمُخْتَارُ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فُهِمَ مِنْهُ مَعْنَاهُ أَنَّ قِتَالَ الْمِثْلَيْنِ فَرْضٌ لَا يُنَافِي أَنَّ قِتَالَ الْعَشْرَةِ نَدْبٌ، وَقَدْ عَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُ رُوَاتِهِ عَنْهُ بِالنَّسْخِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي أَحْكَامِ الْحَدِيثِ مِنَ الْفَتْحِ عِنْدَ قَوْلِهِ فَجَاءَ " التَّخْفِيفُ " مَا نَصُّهُ: فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الْأُخْرَى وَزَادَ فَفُرِضَ عَلَيْهِمْ أَلَّا يَفِرَّ رَجُلٌ مِنْ رَجُلَيْنِ، وَلَا قَوْمٌ مِنْ مِثْلَيْهِمْ. وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ ثَبَاتِ الْوَاحِدِ الْمُسْلِمِ إِذَا قَاوَمَ رَجُلَيْنِ مِنَ الْكُفَّارِ، وَتَحْرِيمِ الْفِرَارِ عَلَيْهِ مِنْهُمَا سَوَاءٌ طَلَبَاهُ أَوْ طَلَبَهُمَا، وَسَوَاءٌ وَقَعَ ذَلِكَ وَهُوَ وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ مَعَ الْعَسْكَرِ أَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عَسْكَرٌ. وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ تَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِوُجُودِ نَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ فِي الرِّسَالَةِ الْجَدِيدَةِ رِوَايَةِ الرَّبِيعِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 70
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست