الدكّ : حط
المرتفع بالبسط والتسوية ؛ ومنه اندكّ سنام البعير إذا انغرس فى ظهره ، دكا دكا :
أي دكا بعد دك : أي كرّر عليها الدك وتتابع حتى صارت كالصخرة الملساء ، صفا صفا :
أي صفا بعد صف بحسب منازلهم ومراتبهم فى الفضل ، وجىء يومئذ بجهنم : أي كشفت
للناظرين بعد أن كانت غائبة عنهم ، وأنى له الذكرى؟ أي ومن أين له فائدة التذكر
وقد فات الأوان ، والوثاق : الشدّ والربط السلاسل والأغلال.
المعنى
الجملي
بعد أن أنكر
عليهم أقوالهم وادعاءهم أن الغنى إكرام لهم ، وأن الفقر إهانة لهم ، ونعى عليهم
أفعالهم من حرصهم على الدنيا واستفراغ الجهد فى تحصيلها ، وتكالبهم على جمعها من
حلال وحرام ـ أردفه بيان أن ما يزعمونه من أنهم لربهم ذاكرون مع فراغ قلوبهم من
الرأفة بالضعفاء وامتلائها بحب المال والميل إلى الشهوات ـ زعم لا حقيقة له ،
وإنما يتذكرون ربهم فى ذلك اليوم العظيم حين يشهدون الهول. ويعوزهم الحول ، ويظهر
لهم مكانهم من النكال والوبال ، ولكن هذه الذكرى قد فات أوانها ، وانتهى إبّانها ،
فإن الدار دار جزاء لا دار أعمال ، فلا يبقى فيها لأولئك الخاسرين إلا الحسرة
والندامة ، وقول قائلهم : «لَيْتَنِي
قَدَّمْتُ لِحَياتِي» ويكون لهم من العذاب ما لا يقدر قدره ، ومن الإهانة ما يحل عن التشبيه
والتمثيل.
الإيضاح
(كَلَّا) زجر لهم وإنكار لأفوالهم وأفعالهم ، أي لا ينبغى أن
يكون هذا شأنهم فى الحرص على الدنيا من حيث تتهيأ لهم سواء كانت من حلال أو حرام ،
وكأنهم يتوهمون أن لا حساب ولا جزاء ، وسيأتى يوم يندمون فيه أشد الندم ،