ونحاسبهم عليها يوم يعرضون علينا «فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ
لَهُمْ عَدًّا» والعدّ إنما يكون للحساب والحزاء.
الإيضاح
(وَالسَّماءِ) أكثر فى القرآن الحلف بالسماء وبالشمس وبالقمر وبالليل
، لأن فى أحوالها وأشكالها وسيرها ومطالعها ومغاربها من عجائب وغرائب ـ دلائل لمن
يتدبر ويتفكر بأن لها خالقا مدبرا يقوم بشئونها ويحصى أمرها ، لا يشركه سواه فى
هذا الإبداع والصنع.
(وَالطَّارِقِ) أي الكوكب البادي ليلا.
(وَما أَدْراكَ مَا
الطَّارِقُ؟) يقولون : وما أدراك ما كذا أي وأىّ شىء يعلمك حقيقته؟
وهو أسلوب من كلامهم يراد به التفخيم والتعظيم ، كأنه فى فخامة أمره لا يمكن
الإحاطة به ولا إدراكه.
ثم فسر هذا
الطارق بقوله :
(النَّجْمُ الثَّاقِبُ) أي لا أقسم بكل طارق من الكواكب ، بل أقسم بطارق معين
هو النجم المضيء الذي يثقب الظلام ونهتدى به فى ظلمات البر والبحر ، ونقف به على
أوقات الأمطار وغيرها من أحوال يحتاج إليها الإنسان فى معاشه ، وهو الثريا عند
جمهرة العلماء ، ويرى الحسن أن المراد كل كوكب لأن له ضوءا ثاقبا لا محالة.
ثم ذكر المقسم
عليه فقال :
(إِنْ كُلُّ نَفْسٍ
لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) أي أحلف بالسماء وبالنجم الثاقب إن للنفوس رقيبا يحفظها
ويدبر شئونها فى جميع أطوار وجودها حتى ينتهى أجلها ، وذلك الحافظ والرقيب هو ربها
المدبر لشئونها ، المصرّف لأمورها فى معاشها ومعادها.