فاكهين : أي
طيبة نفوسهم ، مسرورة بما هى فيه ، وقاهم : أي حفظهم ، والطعام الهنيء : ما لا
يلحق المرء فيه مشقة ولا يعقبه تخمة ولا سقم ، وزوّجناهم : أي قرنّاهم ، والحور :
واحدتهن حوراء ، والحور : اسوداد المقلة ، والعين : واحدتهن عيناء : أي واسعة
العينين.
المعنى
الجملي
بعد أن أبان ما
يصيب الكافرين من العذاب الأليم الذي لا دافع له ولا مهرب منه ـ ذكر ما يتمتع به
المؤمنون فى ذلك اليوم من صنوف اللذات فى المساكن والمآكل والمشارب والفرش
والأزواج ، بحسب سنن القرآن من ذكر الثواب بعد العقاب ، ليتم أمر الترغيب بعد
الترهيب حتى يكون المرء بين عاملين ، عاملى الرهبة من بطش ربه ، والرغبة فى رحمته
، وكلاهما لا غنى للمرء عنه ، ليكمل صلاحه ، ويرعوى عن غيه ، ولا يقنط من رحمة
ربه.
الإيضاح
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ
فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ. فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ) أي إن الذين خافوا ربهم وأخلصوا له العبادة فى السر
والعلن ، وأدّوا فرائضه ، وتحلّوا بآداب دينه ، وانتهوا عن معاصيه ، ولم يدنّسوا
أنفسهم بالآثام ، ولم يدسّوا أرواحهم بالذنوب ، يجازيهم ربهم جزاء وفاقا بجنات
يتنعمون فيها ، ويجدون ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، كفاء
ما قاموا به من جليل الأعمال فى الدنيا ، وما حرموا منه أنفسهم من لذاتها ، وما
صبروا عليه من مكارهها ، ابتغاء رضوانه. وهم فيها قرير والأعين طيبو النفوس ، لا
يشغلهم شاغل ، ولا يجدون هما ولا نصبا ، ولا يكدّر صفو عيشهم مكدر.