(وَإِنْ تَدْعُ
مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) أي وإن تسأل نفس ذات ثقل من الذنوب ، من يحمل عنها
ذنوبها؟ لم تجد من يجيبها إلى ما تطلب ولو كان المدعو ذا قرابة لها كأب أو ابن ،
إذ كلّ مشغول بنفسه ، ولكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ونحو الآية قوله : «لا يَجْزِي والِدٌ
عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً» وقوله : «يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ
وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ
شَأْنٌ يُغْنِيهِ» قال عكرمة : إن الوالد ليتعلق بولده يوم القيامة فيقول يا بنىّ : أىّ
والد كنت لك؟ فيثنى خيرا فيقول له يا بني إنى قد احتجت إلى مثقال ذرة من حسناتك
أنجو بها مما ترى ، فيقول له ولده : يا أبت ما أيسر ما طلبت ، ولكنى أتخوف مثل ما
تتخوف ، فلا أستطيع أن أعطيك شيئا ، ثم يتعلق بزوجته فيقول يا فلانة : أىّ زوج كنت
لك؟ فنثنى خيرا فيقول لها إنى أطلب إليك حسنة واحدة تهبينها لى لعلى أنجو بها مما
ترين ، فتقول ما أيسر ما طلبت. ولكنى لا أطيق أن أعطيك شيئا ، إنى أتخوف مثل الذي
تتخوف ثم سلى رسوله صلّى الله عليه وسلم على عدم قبولهم دعوته وإصرارهم على عنادهم
فقال :
(إِنَّما تُنْذِرُ
الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ) أي إنما يجدى النصح والإنذار لدى من يخشون الله ويخافون
شديد عقابه يوم القيامة من غير معاينة منهم لذلك ، بل لإيمانهم بما أتيت به
وتصديقهم لك فيما أنبأت به عن ربك ، فهؤلاء هم الذين ينفعهم إنذارك ويتعظون
بمواعظك ، لا من طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون ـ إلى أنهم يؤدون الصلاة
المفروضة عليهم ويقيمونها على ما رسمه الدين ،