من هذا كله ، وفيها من الفوائد ما لا يوجد فيما أثر عنهم ، إذ أن القتل
ظلما لا يكون نافيا للقتل بل هو سبب في زيادته ، وإنما النافي للقتل هو القتل
قصاصا ، وأمرهم بالقتل ليقلّ القتل أو ينتفى ، يصدق باعتداء قبيلة على أخرى
والإسراف في قتل رجالها لتضعف فلا تقدر على الأخذ بالثأر ، ويكون المراد أن قتلنا
لعدوّنا إحياء لنا وتقليل أو نفى لقتله إيانا.
(يا أُولِي الْأَلْبابِ) وخصّ أرباب العقول بالنداء للدلالة على أن الذي يفهم
قيمة الحياة ويحافظ عليها هم العقلاء ، كما أنهم هم الذين يفقهون سرّ هذا الحكم
وما اشتمل عليه من المصلحة والحكمة ، فعليكم أن تستعملوا عقولكم في فهم دقائق
الأحكام.
(لَعَلَّكُمْ
تَتَّقُونَ) أي ولما كان في القصاص حياة لكم كتبناه عليكم وشرعناه
لكم لعلكم تتقون الاعتداء وتكفّون عن سفك الدماء ، إذ العاقل يحرص على الحياة ،
ويحترس من غوائل القصاص.
كتب : أي فرض ،
وخيرا : أي مالا كثيرا ، والوصية : الإيصاء والتوصية ، وتطلق على الموصى به من عين
أو عمل ، والمعروف : ما لا يستنكره الناس لقلته بالنسبة إلى