وعن ميمون بن
مهران أنه لقى الحسن البصري فى الطواف بالكعبة وكان يتمنى لقاءه فقال : عظنى فلم
يزد أن تلا هذه الآية فقال ميمون : لقد وعظت فأبلغت.
ثم بين سبحانه
أنه لا يهلك قرية إلا بعد الإنذار وإقامة الحجة عليها فقال :
(وَما أَهْلَكْنا مِنْ
قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ. ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ) أي وما أهلكنا قرية من القرى إلا بعد إرسالنا إليهم
رسلا ينذرونهم بأسنا على كفرهم ، تذكرة لهم وتنبيها إلى ما فيه النجاة من عذابنا ،
وما كنا ظالمين فى إهلاكهم ، لأنهم جحدوا نعمتنا ، وعبدوا غيرنا ، بعد الإعذار
إليهم ، ومتابعة الحجج ، ومواصلة الوعيد.
ولما كان
المشركون يقولون : إن محمدا كاهن وما يتنزل عليه من نوع ما تتنزل به الشياطين
أكذبهم سبحانه بقوله :
(وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ
الشَّياطِينُ وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ
لَمَعْزُولُونَ) أي وما نزلت الشياطين بالقرآن ليكون كهانة أو شعرا أو
سحرا ، وما ينبغى لهم أن ينزلوا به ، وما يستطيعون ذلك وإن عالجوه بكل وسيلة ،
وإنهم عن سمع الملائكة لمحجوبون بالشهب.
والخلاصة ـ إن
الشياطين لا تنزل به لوجوه ثلاثة :
(١) إنه ليس من
مبتغاهم ، إذ من سجاياهم الإضلال والإفساد ، والقرآن فيه الأمر بالمعروف والنهى عن
المنكر ، وهو هدى ونور وبرهان متين ، فبينه وبين مقاصد الشياطين منافاة عظيمة.
(٢) إنه لو
انبغى لهم ما استطاعوا حمله وتأديته كما قال : «لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ
لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ».