بعد أن بشر
المؤمنين بأنه سيمكن لهم فى الأرض ، ويجعل لهم من بعد الخوف أمنا ـ أردف ذلك أمرهم
بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، شكرا له على ما أنعم به عليهم ، وإحسانا إلى عباده
البائسين الفقراء كما أحسن إليهم بتبديل ذلهم عزة وضعفهم قوة ، ثم أعقبه برفع
استبعاد تحقق الوعد السابق ، مع كثرة عدد عدوهم وعددهم ، وبعدئذ ذكر أن مآلهم إلى
النار ، وبئس القرار.
الإيضاح
(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ
وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) أي وأقيموا أيها الناس الصلاة على الوجه الذي رسمه الله
فى مواقيتها ولا تضيعوها ، وآتوا الزكاة التي فرضها على أهلها ، لما فيها من
الإحسان إلى الفقير والمسكين وذوى البؤس والحاجة ، وأطيعوا رسول ربكم فيما أمركم
به ونهاكم عنه ، لعل ربكم أن يرحمكم فينجيكم من شديد عذابه.
ثم بين أن
الكافرين سيحل بهم النكال ، ولا يجدون مهربا مما أوعدهم به ربهم فقال :
(لا تَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) أي أيها الرسول لا تضّنّ الكافرين يجدون مهربا فى الأرض
إذا أردنا إهلاكهم ، بل نحن قادرون على أخذهم والبطش بهم متى أردنا ، والكلام من
وادي قولهم : (اسمعي يا جاره).
وبعدئذ بين
مآلهم فى الآخرة فقال :
(وَمَأْواهُمُ النَّارُ
وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ) أي كما أنا سنضيّق عليهم فى الدنيا وننكّل بهم ، ولا
يفلتون من عذابنا ـ سنجعل عاقبة أمرهم نارا تلظى ، لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذّب
وتولى.