المخبتين لله الخائفين من شديد عقابه ، وإنما لم تثقل على هؤلاء ، لأنهم
مستغرقون فى مناجاة ربهم فلا يشعرون بشىء من المتاعب والمشاق ، ومن ثم قال صلى
الله عليه وسلم : «وقرّة عينى في الصلاة» لأن اشتغاله بها كان راحة له ، وكان
غيرها من أعمال الدنيا تعبا له ولأنهم مترقبون ما ادّخروا من الثواب فتهون عليهم
المشاقّ ، ومن ثم قيل للربيع ابن خيثم وقد أطال صلاته : أتعبت نفسك ، قال راحتها
أطلب ؛ وقيل : من عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل ، ومن أيقن بالخلف جاد بالعطية.
ثم وصف
الخاشعين بأوصاف تقربهم إلى ربهم وتدعوهم للإخبات إليه. فقال : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا
رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ) أي لا تثقل الصلاة على الخاشعين الذين يتوقعون لقاء
ربهم يوم الحساب والجزاء ، وأنهم راجعون إليه بعد البعث فيجازيهم بما قدموا من
صالح العمل.
وعبر بالظن
للإشارة إلى أن من ظن اللقاء لا تشق عليه الصلاة ، فما ظنك بمن يتيقنه ، ومن ثم
كان الاكتفاء بالظن أبلغ في التقريع والتوبيخ ، فكأن هؤلاء الذين يأمرون الناس
بالبرّ وينسون أنفسهم لم يصل إيمانهم بكتابهم إلى درجة الظن الذي يأخذ صاحبه
بالأحوط في أعماله.
الشفاعة : من
الشفع ضد الوتر ، لأن الشفيع ينضم إلى الطالب في تحصيل ما يطلب فيصير معه شفعا بعد
أن كان وترا ، والعدل الفدية ، وأصل العدل (بالفتح) ما يساوى