responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 15  صفحه : 50
وَأَعْمَيْنَاهُمْ عَنْ غَيِّهِمْ، وَحَوَّلْنَا أَبْصَارَهُمْ مِنَ الضَّلَالَةِ إِلَى الْهُدَى، فَاهْتَدَوْا وَأَبْصَرُوا رُشْدَهُمْ، وَتَبَادَرُوا إِلَى طَرِيقِ الْآخِرَةِ. ثُمَّ قَالَ:" فَأَنَّى يُبْصِرُونَ" وَلَمْ نَفْعَلْ ذَلِكَ بِهِمْ، أَيْ فَكَيْفَ يَهْتَدُونَ وَعَيْنُ الْهُدَى مَطْمُوسَةٌ، عَلَى الضَّلَالِ بَاقِيَةٌ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ، وَتَأَوَّلَهَا عَلَى أَنَّهَا فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَمُدَّ الصِّرَاطُ.، نَادَى مُنَادٍ لِيَقُمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتُهُ، فَيَقُومُونَ بَرُّهُمْ وَفَاجِرُهُمْ يَتْبَعُونَهُ لِيَجُوزُوا الصِّرَاطَ، فَإِذَا صَارُوا عَلَيْهِ طَمَسَ اللَّهُ أَعْيُنَ فُجَّارِهِمْ، فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَمِنْ أَيْنَ يُبْصِرُونَهُ حَتَّى يُجَاوِزُوهُ. ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ لِيَقُمْ عِيسَى وَأُمَّتُهُ، فَيَقُومُ فَيَتْبَعُونَهُ بَرُّهُمْ وَفَاجِرُهُمْ فَيَكُونُ سَبِيلُهُمْ تِلْكَ السَّبِيلَ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. ذَكَرَهُ النَّحَّاسُ وَقَدْ كَتَبْنَاهُ فِي التَّذْكِرَةِ بِمَعْنَاهُ حَسَبَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي رَقَائِقِهِ. وَذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَخَذَ الْأَسْوَدُ بْنُ الْأَسْوَدِ حَجَرًا وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ لِيَطْرَحَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَطَمَسَ اللَّهُ عَلَى بَصَرِهِ، وَأَلْصَقَ الْحَجَرَ بِيَدِهِ، فَمَا أَبْصَرَهُ وَلَا اهْتَدَى، وَنَزَلَتِ الْآيَةُ فِيهِ. وَالْمَطْمُوسُ هُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ بَيْنَ جَفْنَيْهِ شَقٌّ، مَأْخُوذٌ مِنْ طَمَسَ الرِّيحُ الْأَثَرَ، قَالَهُ الْأَخْفَشُ وَالْقُتَبِيُّ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ" الْمَسْخُ: تَبْدِيلُ الْخِلْقَةِ وَقَلْبُهَا حَجَرًا أَوْ جَمَادًا أَوْ بَهِيمَةً. قَالَ الْحَسَنُ: أَيْ لَأَقْعَدْنَاهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَمْضُوا أَمَامَهُمْ وَلَا يَرْجِعُوا وَرَاءَهُمْ. وَكَذَلِكَ الْجَمَادُ لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ. وَقَدْ يَكُونُ الْمَسْخُ تَبْدِيلَ صُورَةِ الْإِنْسَانِ بَهِيمَةً، ثُمَّ تِلْكَ الْبَهِيمَةُ لَا تَعْقِلُ مَوْضِعًا تَقْصِدُهُ فَتَتَحَيَّرُ، فَلَا تُقْبِلُ وَلَا تُدْبِرُ. ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْمَعْنَى لَوْ نَشَاءُ لَأَهْلَكْنَاهُمْ فِي مَسَاكِنِهِمْ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي اجْتَرَءُوا فِيهِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ. ابْنُ سَلَامٍ: هَذَا كُلُّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَطْمِسُ اللَّهُ تَعَالَى أَعْيُنَهُمْ عَلَى الصِّرَاطِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَالسُّلَمِيُّ وَزِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ" مَكَانَاتِهِمْ" عَلَى الْجَمْعِ، الْبَاقُونَ بِالتَّوْحِيدِ: وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ:" فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا" بِفَتْحِ الْمِيمِ. وَالْمُضِيُّ بِضَمِّ الْمِيمِ مَصْدَرُ يَمْضِي مُضِيًّا إِذَا ذهب.

نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 15  صفحه : 50
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست