responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 15  صفحه : 49
" وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ" [الأنعام: 23] فَخَتَمَ اللَّهُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ حَتَّى نَطَقَتْ جَوَارِحُهُمْ، قَالَهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ. الثَّانِي: لِيَعْرِفَهُمْ أَهْلُ الْمَوْقِفِ فَيَتَمَيَّزُونَ مِنْهُمْ، قَالَهُ ابْنُ زِيَادٍ. الثَّالِثُ: لِأَنَّ إِقْرَارَ غَيْرِ النَّاطِقِ أَبْلَغُ فِي الْحُجَّةِ مِنْ إِقْرَارِ النَّاطِقِ لِخُرُوجِهِ مَخْرَجَ الْإِعْجَازِ، إِنْ كَانَ يَوْمًا لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِعْجَازٍ. الرَّابِعُ: لِيَعْلَمَ أَنَّ أَعْضَاءَهُ الَّتِي كَانَتْ أَعْوَانًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ صَارَتْ عَلَيْهِ شُهُودًا فِي حَقِّ رَبِّهِ. فَإِنْ قِيلَ: لِمَ قَالَ" وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ" فَجَعَلَ مَا كَانَ مِنَ الْيَدِ كَلَامًا، وَمَا كَانَ مِنَ الرِّجْلِ شَهَادَةً؟ قِيلَ: إِنَّ الْيَدَ مُبَاشِرَةٌ لِعَمَلِهِ وَالرِّجْلِ حَاضِرَةٌ، وَقَوْلُ الْحَاضِرِ عَلَى غَيْرِهِ شَهَادَةٌ، وَقَوْلُ الْفَاعِلِ عَلَى نَفْسِهِ إِقْرَارٌ بِمَا قَالَ أَوْ فَعَلَ، فَلِذَلِكَ عَبَّرَ عَمَّا صَدَرَ مِنَ الْأَيْدِي بِالْقَوْلِ وَعَمَّا صَدَرَ مِنَ الْأَرْجُلِ بِالشَّهَادَةِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:" أَوَّلُ عَظْمٍ مِنَ الْإِنْسَانِ يَتَكَلَّمُ يَوْمَ يُخْتَمُ عَلَى الْأَفْوَاهِ فَخِذُهُ مِنَ الرِّجْلِ الْيُسْرَى" ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمَهْدَوِيُّ. وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ: إِنَى لَأَحْسَبُ أَنَّ أَوَّلَ مَا يَنْطِقُ مِنْهُ فَخِذُهُ الْيُمْنَى، ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ أَيْضًا. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ تَقَدُّمَ الْفَخِذِ بِالْكَلَامِ عَلَى سَائِرِ الْأَعْضَاءِ، لِأَنَّ لَذَّةَ مَعَاصِيهِ يُدْرِكُهَا بِحَوَاسِّهِ الَّتِي هِيَ فِي الشَّطْرِ الْأَسْفَلِ مِنْهَا الْفَخِذُ، فَجَازَ لِقُرْبِهِ مِنْهَا أَنْ يَتَقَدَّمَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا. قَالَ: وَتَقَدَّمَتِ الْيُسْرَى، لِأَنَّ الشَّهْوَةَ فِي مَيَامِنِ الْأَعْضَاءِ أَقْوَى مِنْهَا فِي مَيَاسِرهَا، فَلِذَلِكَ تَقَدَّمَتِ الْيُسْرَى عَلَى الْيُمْنَى لِقِلَّةِ شَهْوَتِهَا. قُلْتُ: أَوْ بِالْعَكْسِ لِغَلَبَةِ الشَّهْوَةِ، أَوْ كِلَاهُمَا مَعًا وَالْكَفُّ، فَإِنَّ بِمَجْمُوعِ ذَلِكَ يَكُونُ تَمَامُ الشَّهْوَةِ وَاللَّذَّةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ" حَكَى الْكِسَائِيُّ: طَمَسَ يَطْمِسُ وَيَطْمُسُ. وَالْمَطْمُوسُ وَالطَّمِيسُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ الْأَعْمَى الَّذِي لَيْسَ فِي عَيْنَيْهِ شَقٌّ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمَعْنَى لَأَعْمَيْنَاهُمْ عَنِ الْهُدَى، فَلَا يهتدون أبدا إلى طريق الحق. وقا ل الْحَسَنُ وَالسُّدِّيُّ: الْمَعْنَى لَتَرَكْنَاهُمْ عُمْيًا يَتَرَدَّدُونَ. فَالْمَعْنَى لَأَعْمَيْنَاهُمْ فَلَا يُبْصِرُونَ طَرِيقًا إِلَى تَصَرُّفِهِمْ فِي مَنَازِلِهِمْ وَلَا غَيْرِهَا. وَهَذَا اخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ. وَقَوْلُهُ:" فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ" أَيِ اسْتَبَقُوا الطَّرِيقَ لِيَجُوزُوا" فَأَنَّى يُبْصِرُونَ" أَيْ فَمِنْ أَيْنَ يُبْصِرُونَ. وَقَالَ عَطَاءٌ وَمُقَاتِلٌ وَقَتَادَةُ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَلَوْ نَشَاءُ لَفَقَأْنَا أَعْيُنَ ضَلَالَتِهِمْ،

نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 15  صفحه : 49
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست