responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 52
إِلَى تِلْكَ الْجَنَّةِ بِسَبَبِ الشَّيْخُوخَةِ وَالْكِبَرِ، وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ وَالْحَاجَةِ بِسَبَبِ الطُّفُولِيَّةِ وَالصِّغَرِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ وَالْإِعْصَارُ رِيحٌ تَرْتَفِعُ وَتَسْتَدِيرُ نَحْوَ السَّمَاءِ/ كَأَنَّهَا عَمُودٌ، وَهِيَ الَّتِي يُسَمِّيهَا النَّاسُ الزَّوْبَعَةَ، وَهِيَ رِيحٌ فِي غَايَةِ الشِّدَّةِ وَمِنْهُ قول شاعر:
إِنْ كُنْتَ رِيحًا فَقَدْ لَاقَيْتَ إِعْصَارَا
وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْمَثَلِ بَيَانُ أَنَّهُ يَحْصُلُ فِي قَلْبِ هَذَا الْإِنْسَانِ مِنَ الْغَمِّ وَالْمِحْنَةِ وَالْحَسْرَةِ وَالْحَيْرَةِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، فَكَذَلِكَ مَنْ أَتَى بِالْأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ، بَلْ يَقْرِنُ بِهَا أُمُورًا تُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا مُوجِبَةً لِلثَّوَابِ، فَحِينَ يَقْدُمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ حِينَئِذٍ فِي غَايَةِ الْحَاجَةِ وَنِهَايَةِ الْعَجْزِ عَنِ الِاكْتِسَابِ عَظُمَتْ حَسْرَتُهُ وَتَنَاهَتْ حَيْرَتُهُ، وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ [الزُّمَرِ: 47] وَقَوْلُهُ وَقَدِمْنا إِلى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً [الْفُرْقَانِ: 23] .
ثُمَّ قَالَ: كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ أَيْ كَمَا بَيَّنَ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَدَلَائِلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ تَرْغِيبًا وَتَرْهِيبًا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَدَلَائِلَهُ فِي سَائِرِ أُمُورِ الدِّينِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ.
وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَنَّ: لَعَلَّ، لِلتَّرَجِّي وَهُوَ لَا يَلِيقُ بِاللَّهِ تَعَالَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ تَمَسَّكُوا بِهِ فِي أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى أَرَادَ مِنَ الْكُلِّ الْإِيمَانَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مراراً.

[سورة البقرة (2) : آية 267]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)
في قوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ اعلم أنه رَغَّبَ فِي الْإِنْفَاقِ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى قِسْمَيْنِ: مِنْهُ مَا يَتْبَعُهُ الْمَنُّ وَالْأَذَى، وَمِنْهُ مَا لَا يَتْبَعُهُ ذَلِكَ.
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى شَرَحَ مَا يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ، وَضَرَبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَثَلًا يَكْشِفُ عَنِ الْمَعْنَى وَيُوَضِّحُ الْمَقْصُودَ مِنْهُ عَلَى أَبْلَغِ الْوُجُوهِ.
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي أَمَرَ بِإِنْفَاقِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَقَالَ: أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا كَسَبْتُمْ وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ قَوْلَهُ أَنْفِقُوا الْمُرَادُ مِنْهُ مَاذَا فَقَالَ الْحَسَنُ/ الْمُرَادُ مِنْهُ الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ وَقَالَ قَوْمٌ: الْمُرَادُ مِنْهُ التَّطَوُّعُ وَقَالَ ثَالِثٌ: إِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْفَرْضَ وَالنَّفْلَ، حُجَّةُ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ مِنْهُ الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ أَنَّ قَوْلَهُ أَنْفِقُوا أَمْرٌ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ لِلْوُجُوبِ وَالْإِنْفَاقُ الْوَاجِبُ لَيْسَ إِلَّا الزَّكَاةَ وَسَائِرَ النَّفَقَاتِ الْوَاجِبَةِ، حُجَّةُ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ مَا
رُوِيَ عَنْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَصَدَّقُونَ بِشِرَارِ ثِمَارِهِمْ وَرَدِيءِ أَمْوَالِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ،
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: جَاءَ رَجُلٌ ذَاتَ يَوْمٍ بِعِذْقِ حَشَفٍ فَوَضَعَهُ فِي الصَّدَقَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِئْسَ مَا صَنَعَ صَاحِبُ هَذَا» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ،
حُجَّةُ مَنْ قَالَ الْفَرْضُ وَالنَّفْلُ دَاخِلَانِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنَ الْأَمْرِ تَرْجِيحُ جَانِبِ الْفِعْلِ عَلَى
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست