responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 270
فَيَضُمُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جِسْمَهُ إِلَى جِسْمِ صَاحِبِهِ حَتَّى يَصِيرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ كَالثَّوْبِ الَّذِي يَلْبَسُهُ، سُمِّيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِبَاسًا، قَالَ الرَّبِيعُ: هُنَّ فِرَاشٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِحَافٌ لَهُنَّ، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ، يُرِيدُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتُرُ صَاحِبَهُ عِنْدَ الْجِمَاعِ عَنْ أَبْصَارِ النَّاسِ وَثَانِيهَا: إِنَّمَا سُمِّيَ الزَّوْجَانِ لِبَاسًا لِيَسْتُرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَمَّا لَا يَحِلُّ، كَمَا
جَاءَ فِي الْخَبَرِ «مَنْ تَزَوَّجَ فَقَدْ أَحْرَزَ ثُلُثَيْ دِينِهِ»
وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهَا لِبَاسًا لِلرَّجُلِ، مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَخُصُّهَا بِنَفْسِهِ، كَمَا يَخُصُّ لِبَاسَهُ بِنَفْسِهِ، وَيَرَاهَا أَهْلًا لِأَنْ يُلَاقِيَ كُلُّ بَدَنِهِ كُلَّ بَدَنِهَا كَمَا يَعْمَلُهُ فِي اللِّبَاسِ وَرَابِعُهَا: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ سَتْرُهُ بِهَا عَنْ جَمِيعِ الْمَفَاسِدِ الَّتِي تَقَعُ فِي الْبَيْتِ، لَوْ لَمْ تَكُنِ الْمَرْأَةُ حَاضِرَةً، كَمَا يَسْتَتِرُ الْإِنْسَانُ بِلِبَاسِهِ عَنِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْمَضَارِّ وَخَامِسُهَا: ذَكَرَ الْأَصَمُّ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَ كَاللِّبَاسِ السَّاتِرِ لِلْآخَرِ فِي ذَلِكَ الْمَحْظُورِ الَّذِي يَفْعَلُونَهُ، وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَوْرَدَ هَذَا الْوَصْفَ عَلَى طَرِيقِ الْإِنْعَامِ عَلَيْنَا، فَكَيْفَ يُحْمَلُ عَلَى التَّسَتُّرِ بِهِنَّ فِي الْمَحْظُورِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ الْوَاحِدِيُّ: إِنَّمَا وَحَّدَ اللِّبَاسَ بَعْدَ قَوْلِهِ هُنَّ لِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْمَصْدَرِ، وَفِعَالٌ مِنْ مَصَادِرِ فَاعَلَ، وَتَأْوِيلُهُ: هُنَّ مُلَابِسَاتٌ لَكُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : فَإِنْ قُلْتَ: مَا مَوْقِعُ قَوْلِهِ: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ فَنَقُولُ: هُوَ اسْتِئْنَافٌ كَالْبَيَانِ لِسَبَبِ الْإِحْلَالِ، وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا حَصَلَتْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُنَّ مِثْلُ هَذِهِ الْمُخَالَطَةِ وَالْمُلَابَسَةِ قَلَّ صَبْرُكُمْ عَنْهُنَّ، وَضَعُفَ عَلَيْكُمُ اجْتِنَابُهُنَّ، فَلِذَلِكَ رَخَّصَ لَكُمْ فِي مُبَاشَرَتِهِنَّ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: يُقَالُ: خَانَهُ يَخُونُهُ خَوْنًا وَخِيَانَةً إِذَا لَمْ يَفِ لَهُ، وَالسَّيْفُ إِذَا نَبَا عَنِ الضَّرْبَةِ فَقَدْ خَانَكَ، وَخَانَهُ الدَّهْرُ إِذَا تَغَيَّرَ حَالُهُ إِلَى الشَّرِّ، وَخَانَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ إِذَا لَمْ يُؤَدِّ الْأَمَانَةَ، وَنَاقِضُ الْعَهْدِ خَائِنٌ، لِأَنَّهُ كَانَ يُنْتَظَرُ مِنْهُ الْوَفَاءُ فَغَدَرَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً [الْأَنْفَالِ: 58] أَيْ نَقْضًا لِلْعَهْدِ، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الْمَدِينِ: إِنَّهُ خَائِنٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَفِ بِمَا يَلِيقُ بِدِينِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ [الْأَنْفَالِ: 27] وَقَالَ: وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ [الْأَنْفَالِ: 71] فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ سَمَّى اللَّهُ الْمَعْصِيَةَ بِالْخِيَانَةِ، وَإِذَا عَلِمْتَ مَعْنَى الْخِيَانَةِ، فَقَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : الِاخْتِيَانُ مِنَ الْخِيَانَةِ، كَالِاكْتِسَابِ مِنَ الْكَسْبِ فِيهِ زِيَادَةٌ وَشِدَّةٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ اللَّهَ تعالى ذكر هاهنا أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ تِلْكَ الْخِيَانَةَ كَانَتْ فِي مَاذَا؟ فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِ هَذِهِ الْخِيَانَةِ عَلَى شَيْءٍ يَكُونُ لَهُ تَعَلُّقٌ بِمَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ، وَالَّذِي تَقَدَّمَ هُوَ ذِكْرُ الْجِمَاعِ، وَالَّذِي تَأَخَّرَ قَوْلُهُ: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ المراد بهذه/ الخيانة الجماع، ثم هاهنا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تُسِرُّونَ بِالْمَعْصِيَةِ فِي الْجِمَاعِ بَعْدَ الْعَتَمَةِ وَالْأَكْلِ بَعْدَ النَّوْمِ وَتَرْكَبُونَ الْمُحَرَّمَ مِنْ ذَلِكَ وَكُلُّ مَنْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ خَانَ نَفْسَهُ وَقَدْ خَانَ اللَّهَ، لِأَنَّهُ جَلَبَ إِلَيْهَا الْعِقَابَ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَجِبُ أَنْ يُقْطَعَ عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِهِمْ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى وُقُوعِهِ مِنْ جَمِيعِهِمْ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ إِنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَجَبَ فِي جَمِيعِهِمْ أَنْ يَكُونُوا مُخْتَانِينَ لِأَنْفُسِهِمْ، لَكَنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّبْعِيضُ لِلْعَادَةِ وَالْإِخْبَارُ، وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ فَيَجِبُ أَنَّ يُقْطَعَ عَلَى وُقُوعِ هَذَا الْجِمَاعِ الْمَحْظُورِ مِنْ بَعْضِهِمْ، فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمٍ سَابِقٍ وَعَلَى وُقُوعِ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِهِمْ، وَلِأَبِي مُسْلِمٍ أَنْ يَقُولَ قَدْ بينا أن
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 270
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست