responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 271
الْخِيَانَةَ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ الْوَفَاءِ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَأَنْتُمْ حَمَلْتُمُوهُ عَلَى عَدَمِ الْوَفَاءِ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَنَحْنُ حَمَلْنَاهُ عَلَى عَدَمِ الْوَفَاءِ بِمَا هُوَ خَيْرٌ لِلنَّفْسِ وَهَذَا أَوْلَى، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ اللَّهَ، كَمَا قَالَ: لَا تَخُونُوا اللَّهَ [الأنفال: 27] ما قَالَ: كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَكَانَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْلَى فَلَا أَقَلَّ مِنَ التَّسَاوِي وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَثْبُتُ النَّسْخُ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ لَوْ دَامَتْ تِلْكَ الْحُرْمَةُ وَمَعْنَاهُ: أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ دَامَ ذَلِكَ التَّكْلِيفُ الشَّاقُّ لَوَقَعُوا فِي الْخِيَانَةِ، وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ مَا وَقَعَتِ الْخِيَانَةُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ التَّفْسِيرُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ فِيهِ إِلَى إِضْمَارِ الشَّرْطِ وَأَنْ يُقَالَ بَلِ الثَّانِي أَوْلَى، لِأَنَّ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ يَصِيرُ إِقْدَامُهُمْ عَلَى الْمَعْصِيَةِ سَبَبًا لِنَسْخِ التَّكْلِيفِ، وَعَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَوْ دَامَ ذَلِكَ التَّكْلِيفُ لَحَصَلَتِ الْخِيَانَةُ فَصَارَ ذَلِكَ سَبَبًا لَنَسْخِ التَّكْلِيفِ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ حَتَّى لَا يَقَعُوا فِي الْخِيَانَةِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَتابَ عَلَيْكُمْ فَمَعْنَاهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي مُسْلِمٍ فَرَجَعَ عَلَيْكُمْ بِالْإِذْنِ فِي هَذَا الْفِعْلِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَيْكُمْ وَعَلَى قَوْلِ مُثْبِتِي النَّسَخِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إِضْمَارٍ تَقْدِيرُهُ: تُبْتُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فِيهِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَعَفا عَنْكُمْ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي مُسْلِمٍ مَعْنَاهُ وَسَّعَ عَلَيْكُمْ أَنْ أَبَاحَ لَكُمُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَالْمُعَاشَرَةَ فِي كُلِّ اللَّيْلِ وَلَفْظُ الْعَفْوِ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي التَّوْسِعَةِ وَالتَّخْفِيفِ
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ»
وَقَالَ «أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ»
وَالْمُرَادُ مِنْهُ التَّخْفِيفُ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ وَيُقَالُ: أَتَانِي هَذَا الْمَالُ عَفْوًا، أَيْ سَهْلًا فَثَبَتَ أَنَّ لَفْظَ الْعَفْوِ غَيْرُ مُشْعِرٍ بِسَبْقِ التَّحْرِيمِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُثْبِتِي النَّسْخِ فَقَوْلُهُ: عَفا عَنْكُمْ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهُ: عَفَا عَنْ ذُنُوبِكُمْ، وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي أَيْضًا قَوْلَ أَبِي مُسْلِمٍ لِأَنَّ تَفْسِيرَهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْإِضْمَارِ وَتَفْسِيرَ مُثْبِتِي النَّسْخِ يَحْتَاجُ إِلَى الْإِضْمَارِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: هَذَا أَمْرٌ وارد عقب الخطر فالذين قالوا: الأمر الوارد عقيب الخطر/ لَيْسَ إِلَّا لِلْإِبَاحَةِ، كَلَامُهُمْ ظَاهِرٌ وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا: مُطْلَقُ الْأَمْرِ لِلْوُجُوبِ قَالُوا إِنَّمَا تَرَكْنَا الظَّاهِرَ وَعَرَفْنَا كَوْنَ هَذَا الْأَمْرِ لِلْإِبَاحَةِ بِالْإِجْمَاعِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْمُبَاشَرَةُ فِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ أَنَّهَا الْجِمَاعُ، سُمِّيَ بِهَذَا الِاسْمِ لِتَلَاصُقِ الْبَشَرَتَيْنِ وَانْضِمَامِهِمَا، وَمِنْهَا مَا
رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى أَنْ يُبَاشِرَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ، وَالْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ
الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الْأَصَمِّ: إِنَّهُ الْجِمَاعُ فَمَا دُونَهُ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ اخْتَلَفَ المفسرين فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى كُلِّ الْمُبَاشَرَاتِ وَلَمْ يَقْصُرْهُ عَلَى الْجِمَاعِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ لَفْظَ الْمُبَاشَرَةِ لَمَّا كَانَ مُشْتَقًّا مِنْ تَلَاصُقِ الْبَشَرَتَيْنِ لَمْ يَكُنْ مُخْتَصًّا بِالْجِمَاعِ بَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْجِمَاعُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَكَذَا الْمُعَانَقَةُ وَالْمُلَامَسَةُ إِلَّا أَنَّهُمْ إِنَّمَا اتَّفَقُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُوَ الْجِمَاعُ لِأَنَّ السَّبَبَ فِي هَذِهِ الرُّخْصَةِ كَانَ وُقُوعُ الْجِمَاعِ مِنَ الْقَوْمِ، وَلِأَنَّ الرَّفَثَ الْمُتَقَدِّمَ ذِكْرُهُ لَا يُرَادُ بِهِ إِلَّا الْجِمَاعُ إِلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ إِبَاحَةُ الْجِمَاعِ تَتَضَمَّنُ إِبَاحَةَ مَا دُونَهُ صَارَتْ إِبَاحَتُهُ دَالَّةً عَلَى إِبَاحَةِ مَا عداه، فصح هاهنا حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى الْجِمَاعِ فَقَطْ، وَلَمَّا كَانَ فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْعُ مِنَ الْجِمَاعِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِمَّا دُونَهُ صَلَحَ اخْتِلَافُ الْمُفَسِّرِينَ فِيهِ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُعْتَمَدَ عَلَيْهِ، عَلَى مَا لَخَّصَهُ الْقَاضِي.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 271
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست