responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 254
وَهُوَ الْجَمْعُ، قَالَ عَمْرٌو:
هِجَانُ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأْ جَنِينًا
أَيْ لَمْ تَجْمَعْ فِي رَحِمِهَا وَلَدًا، وَمِنْ هَذَا الْأَصْلِ: قُرْءُ الْمَرْأَةِ وَهُوَ أَيَّامُ اجْتِمَاعِ الدَّمِ فِي رَحِمِهَا، فَسُمِّيَ الْقُرْآنُ قُرْآنًا، لِأَنَّهُ يَجْمَعُ السُّوَرَ وَيَضُمُّهَا وَثَالِثُهَا: قَوْلُ قُطْرُبٍ وَهُوَ أَنَّهُ سُمِّيَ قُرْآنًا، لِأَنَّ الْقَارِئَ يَكْتُبُهُ، وَعِنْدَ الْقِرَاءَةِ كَأَنَّهُ يُلْقِيهِ مِنْ فِيهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: مَا قَرَأَتِ النَّاقَةُ سَلًى قَطُّ، أَيْ مَا رَمَتْ بِوَلَدٍ وَمَا أَسْقَطَتْ وَلَدًا قَطُّ وَمَا طَرَحَتْ، وَسُمِّيَ الْحَيْضُ، قرأ لِهَذَا التَّأْوِيلِ، فَالْقُرْآنُ/ يَلْفِظُهُ الْقَارِئُ مِنْ فِيهِ وَيُلْقِيهِ فَسُمِّيَ قُرْآنًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَدْ ذَكَرْنَا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا [الْبَقَرَةِ: 23] أَنَّ التَّنْزِيلَ مُخْتَصٌّ بِالنُّزُولِ عَلَى سَبِيلِ التَّدْرِيجِ، وَالْإِنْزَالُ مُخْتَصٌّ بِمَا يَكُونُ النُّزُولُ فِيهِ دُفْعَةً وَاحِدَةً، وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ:
لَمَّا كَانَ الْمُرَادُ هاهنا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ أُنْزِلَ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، لَا جَرَمَ ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْإِنْزَالِ دُونَ التَّنْزِيلِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ رَاجِحٌ عَلَى سَائِرِ الْأَقْوَالِ. أَمَّا قَوْلُهُ: هُدىً لِلنَّاسِ فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: بَيَّنَّا تَفْسِيرَ الْهُدَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [الْبَقَرَةِ: 2] .
وَالسُّؤَالُ أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الْقُرْآنَ فِي تلك الآية هدى للمتقين، وهاهنا جَعَلَهُ هُدًى لِلنَّاسِ، فَكَيْفَ وَجْهُ الْجَمْعِ؟ وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ هُنَاكَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ نُصِبَ عَلَى الْحَالِ، أَيْ أُنْزِلَ وَهُوَ هِدَايَةٌ لِلنَّاسِ إِلَى الْحَقِّ وَهُوَ آيَاتٌ وَاضِحَاتٌ مَكْشُوفَاتٌ مِمَّا يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَفِيهِ إِشْكَالٌ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى بَعْدَ قَوْلِهِ: هُدىً.
وَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّهُ هُدًى، ثُمَّ الْهُدَى عَلَى قِسْمَيْنِ: تَارَةً يَكُونُ كَوْنُهُ هُدًى لِلنَّاسِ بَيِّنًا جَلِيًّا، وَتَارَةً لَا يَكُونُ كَذَلِكَ، وَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ لَا شَكَّ أَنَّهُ أَفْضَلُ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: هُوَ هُدًى لِأَنَّهُ هُوَ الْبَيِّنُ مِنَ الْهُدَى، وَالْفَارِقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، فَهَذَا مِنْ بَابِ مَا يُذْكَرُ الْجِنْسُ وَيُعْطَفُ نَوْعُهُ عَلَيْهِ، لِكَوْنِهِ أَشْرَفَ أَنْوَاعِهِ، وَالتَّقْدِيرُ كَأَنَّهُ قِيلَ: هَذَا هُدًى، وَهَذَا بَيِّنٌ مَنِ الْهُدَى، وَهَذَا بَيِّنَاتٌ مِنَ الْهُدَى، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا غَايَةُ الْمُبَالَغَاتِ الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: الْقُرْآنُ هَدًى فِي نَفْسِهِ، وَمَعَ كَوْنِهِ كَذَلِكَ فَهُوَ أَيْضًا بَيِّنَاتٌ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ، وَالْمُرَادُ بِالْهُدَى وَالْفُرْقَانِ: التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ [آلِ عمران: 3 و 4] وَقَالَ: وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الْبَقَرَةِ: 53] وَقَالَ وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ [الْأَنْبِيَاءِ: 48] فَبَيَّنَ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَعَ كَوْنِهِ هُدًى فِي نَفْسِهِ فَفِيهِ أَيْضًا هُدًى مِنَ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي هِيَ هُدًى وَفُرْقَانٌ الثَّالِثُ: أَنْ يُحْمَلَ الْأَوَّلُ عَلَى أُصُولِ الدِّينِ، وَالْهُدَى الثَّانِي عَلَى فُرُوعِ الدِّينِ، فَحِينَئِذٍ يَزُولُ التَّكْرَارُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست