responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 253
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْقُرْآنَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ كُلَّ الْقُرْآنِ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ثُمَّ أَنْزَلَهُ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَجَّمًا إِلَى آخِرِ عُمْرِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يُقَالَ:
إِنَّهُ سُبْحَانَهُ كَانَ يُنْزِلُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا مِنَ الْقُرْآنِ مَا يَعْلَمُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأُمَّتَهُ يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ ثُمَّ يُنْزِلُهُ عَلَى الرَّسُولِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ ثُمَّ كَذَلِكَ أَبَدًا مَا دَامَ فَأَيُّهُمَا أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ.
الْجَوَابُ: كِلَاهُمَا مُحْتَمَلٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ الشَّخْصَ، وَهُوَ رَمَضَانُ مُعَيَّنٌ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ النَّوْعَ، وَإِذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحْتَمَلًا صَالِحًا وَجَبَ التَّوَقُّفُ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ مَعْنَاهُ أُنْزِلَ فِي فَضْلِهِ الْقُرْآنُ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ قَالَ: وَمِثْلُهُ أَنْ يُقَالَ: أُنْزِلَ فِي الصِّدِّيقِ كَذَا/ آيَةً: يُرِيدُونَ فِي فَضْلِهِ قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: أُنْزِلَ فِي إِيجَابِ صَوْمِهِ عَلَى الخلق القرآن، كأن يَقُولُ: أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الزَّكَاةِ كَذَا وَكَذَا يُرِيدُ فِي إِيجَابِهَا وَأَنْزَلَ فِي الْخَمْرِ كَذَا يُرِيدُ فِي تَحْرِيمِهَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْقُرْآنُ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِقَاقِهِ، فَرَوَى الْوَاحِدِيُّ فِي «الْبَسِيطِ» عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْنِ الْحَكَمِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ الْقُرْآنَ اسْمٌ وَلَيْسَ بِمَهْمُوزٍ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْ قَرَأْتُ وَلَكِنَّهُ اسْمٌ لِكِتَابِ اللَّهِ مِثْلُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، قَالَ وَيُهْمَزُ قِرَاءَةً وَلَا يُهْمَزُ الْقُرْآنُ كَمَا يَقُولُ:
وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ [الْإِسْرَاءِ: 45] قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ إِنَّهُ اسْمٌ لِكِتَابِ اللَّهِ يُشْبِهُ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُشْتَقٍّ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ مُشْتَقٌّ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَهْمِزُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَهْمِزُهُ، أَمَّا الْأَوَّلُونَ فَلَهُمْ فِيهِ اشْتِقَاقَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَرَنْتُ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ إِذَا ضَمَمْتَ أَحَدَهُمَا إِلَى الْآخَرِ، فَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ قَرَنَ وَالِاسْمُ قُرَانٌ غَيْرُ مَهْمُوزٍ، فَسُمِّيَ الْقُرَانُ قُرَانًا إِمَّا لِأَنَّ مَا فِيهِ مِنَ السُّورِ وَالْآيَاتِ وَالْحُرُوفِ يَقْتَرِنُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، أَوْ لِأَنَّ مَا فِيهِ مِنَ الْحِكَمِ وَالشَّرَائِعِ مُقْتَرِنٌ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، أَوْ لِأَنَّ مَا فِيهِ مِنَ الدَّلَائِلِ الدَّالَّةِ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُقْتَرِنٌ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، أَعْنِي اشْتِمَالَهُ عَلَى جِهَاتِ الْفَصَاحَةِ وَعَلَى الْأُسْلُوبِ الْغَرِيبِ، وَعَلَى الْإِخْبَارِ عَنِ الْمُغَيَّبَاتِ، وَعَلَى الْعُلُومِ الْكَثِيرَةِ، فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ قَرَنَ وَالِاسْمُ قُرَانٌ غَيْرُ مَهْمُوزٍ وَثَانِيهُمَا: قَالَ الْفَرَّاءُ: أَظُنُّ أَنَّ الْقُرْآنَ سُمِّيَ مِنَ الْقَرَائِنِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْآيَاتِ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا عَلَى مَا قَالَ تَعَالَى: وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النِّسَاءِ: 82] فَهِيَ قَرَائِنُ، وَأَمَّا الَّذِينَ هَمَزُوا فَلَهُمْ وُجُوهٌ أَحُدُهَا: أَنَّهُ مَصْدَرُ القراءة يقال: قرأت القرآن فأنا أقرؤه قرأ وَقِرَاءَةً وَقُرْآنًا، فَهُوَ مَصْدَرٌ، وَمِثْلُ الْقُرْآنِ مِنَ الْمَصَادِرِ: الرُّجْحَانُ وَالنُّقْصَانُ وَالْخُسْرَانُ وَالْغُفْرَانُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
ضَحُّوا بِأَشْمَطَ عُنْوَانُ السُّجُودِ بِهِ ... يُقَطِّعُ اللَّيْلَ تَسْبِيحًا وَقُرْآنًا
أَيْ قِرَاءَةً، وَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً [الْإِسْرَاءِ: 78] هَذَا هُوَ الْأَصْلُ، ثُمَّ إِنَّ الْمَقْرُوءَ يُسَمَّى قُرْآنًا، لِأَنَّ الْمَفْعُولَ يُسَمَّى بِالْمَصْدَرِ كَمَا قَالُوا لِلْمَشْرَبِ: شَرَابٌ وَلِلْمَكْتُوبِ كِتَابٌ، وَاشْتُهِرَ هَذَا الِاسْمُ فِي الْعُرْفِ حَتَّى جَعَلُوهُ اسْمًا لِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَثَانِيهَا: قَالَ الزَّجَّاجُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: إِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْقُرْءِ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 253
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست