responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 203
وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا وَلَمْ يُفَرِّقْ فِيهِ بَيْنَ الْعَاصِي وَالْمُطِيعِ
وَرَابِعُهَا: أَنَّ الْعَاصِيَ بِسَفَرِهِ إِذَا كَانَ نَائِمًا فَأَشْرَفَ عَلَى غَرَقٍ أَوْ حَرْقٍ يَجِبُ عَلَى الْحَاضِرِ الَّذِي يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ يَقْطَعَ صَلَاتَهُ لِإِنْجَائِهِ مِنَ الْغَرَقِ أَوِ الْحَرْقِ فَلَأَنْ/ يَجِبَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَسْعَى فِي إِنْقَاذِ الْمُهْجَةِ أَوْلَى وَخَامِسُهَا: أَنْ يَدْفَعَ أَسْبَابَ الْهَلَاكِ، كَالْفِيلِ، وَالْجَمَلِ الصَّئُولِ، وَالْحَيَّةِ، وَالْعَقْرَبِ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ، فَكَذَا هاهنا وَسَادِسُهَا: أَنَّ الْعَاصِيَ بِسَفَرِهِ إِذَا اضْطُرَّ فَلَوْ أَبَاحَ لَهُ رَجُلٌ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يُحِلُّ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ فَكَذَا هاهنا وَالْجَامِعُ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنِ النَّفْسِ وَسَابِعُهَا: أَنَّ الْمُؤْنَةَ فِي دَفْعِ ضَرَرِ النَّاسِ أَعْظَمُ فِي الْوُجُوبِ مِنْ كُلِّ مَا يَدْفَعُ الْمَرْءَ مِنَ الْمَضَارِّ عَنْ نَفْسِهِ، فَكَذَلِكَ يَدْفَعُ ضَرَرَ الْهَلَاكِ عَنْ نَفْسِهِ بِهَذَا الْأَكْلِ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا، وَثَامِنُهَا: أَنَّ الضَّرُورَةَ تُبِيحُ تَنَاوُلَ طَعَامِ الْغَيْرِ مِنْ دُونِ الرِّضَا بَلْ عَلَى سَبِيلِ الْقَهْرِ، وهذا التناول محرم لولا الاضطرار فكذا هاهنا أَجَابَ الشَّافِعِيُّ عَنِ التَّمَسُّكِ بِالْعُمُومَاتِ بِأَنَّ دَلِيلَنَا النَّافِيَ لِلتَّرَخُّصِ أَخَصُّ مِنْ دَلَائِلِهِمُ الْمُرَخِّصَةِ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ، وَعَنِ الْوُجُوهِ الْقِيَاسِيَّةِ بِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إِلَى اسْتِبَاحَةِ هَذِهِ الرُّخَصِ بِالتَّوْبَةِ وَإِذَا لَمْ يَتُبْ فَهُوَ الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ عَارَضَ هَذِهِ الْوُجُوهَ بِوَجْهٍ قَوِيٍّ وَهُوَ أَنَّ الرُّخْصَةَ إِعَانَةٌ عَلَى السَّفَرِ فَإِذَا كَانَ السَّفَرُ مَعْصِيَةً كَانَتِ الرُّخْصَةُ إِعَانَةً عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَذَلِكَ مُحَالٌ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ مَمْنُوعٌ مِنْهَا وَالْإِعَانَةُ سَعْيٌ فِي تَحْصِيلِهَا وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُتَنَاقِضٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: لَا يَأْكُلُ الْمُضْطَرُّ مِنَ الْمَيْتَةِ إِلَّا قَدْرَ مَا يُمْسِكُ رَمَقَهُ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ: يَأْكُلُ مِنْهَا مَا يَسُدُّ جُوعَهُ، وَعَنْ مَالِكٍ: يَأْكُلُ مِنْهَا حَتَّى يَشْبَعَ وَيَتَزَوَّدَ، فَإِنْ وَجَدَ غِنًى عَنْهَا طَرَحَهَا، وَالْأَقْرَبُ في دلالة الآية ما ذكرناه أو لا لِأَنَّ سَبَبَ الرُّخْصَةِ إِذَا كَانَ الْإِلْجَاءَ فَمَتَى ارْتَفَعَ الْإِلْجَاءُ ارْتَفَعَتِ الرُّخْصَةُ، كَمَا لَوْ وَجَدَ الْحَلَالَ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَنَاوُلُ الْمَيْتَةِ لِارْتِفَاعِ الْإِلْجَاءِ إِلَى أَكْلِهَا لِوُجُودِ الْحَلَالِ، فَكَذَلِكَ إِذَا زَالَ الِاضْطِرَارُ بِأَكْلِ قَدْرٍ مِنْهُ فَالزَّائِدُ مُحَرَّمٌ، وَلَا اعْتِبَارَ فِي ذَلِكَ بِسَدِّ الْجَوْعَةِ عَلَى مَا قَالَهُ الْعَنْبَرِيُّ، لِأَنَّ الْجَوْعَةَ فِي الِابْتِدَاءِ لَا تُبِيحُ أَكْلَ الْمَيْتَةِ إِذَا لَمْ يَخَفْ ضررًا بتركه، فكذا هاهنا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الطَّعَامِ مِقْدَارُ مَا إِذَا أَكَلَهُ أَمْسَكَ رَمَقَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ الْمَيْتَةَ، فَإِذَا أَكَلَ ذَلِكَ الطَّعَامَ وَزَالَ خَوْفُ التَّلَفِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ الْمَيْتَةَ، فَكَذَا إِذَا أَكَلَ مِنَ الْمَيْتَةِ مَا زَالَ مَعَهُ خَوْفُ الضَّرَرِ وَجَبَ أَنْ يَحْرُمَ عَلَيْهِ الْأَكْلُ بَعْدَ ذَلِكَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفُوا فِي الْمُضْطَرِّ إِذَا وَجَدَ كُلَّ مَا يُعَدُّ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، فَالْأَكْثَرُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ خَيَّرُوهُ بَيْنَ الْكُلِّ لِأَنَّ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ سَوَاءٌ فِي التَّحْرِيمِ وَالِاضْطِرَارِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا فِي الْكُلِّ وَهَذَا هُوَ الْأَلْيَقُ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَهُوَ أولى من قول من أوجب أن يتناول الْمَيْتَةَ دُونَ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ أَعْظَمُ شَأْنًا فِي التَّحْرِيمِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: اخْتَلَفُوا فِي الْمُضْطَرِّ إِلَى الشُّرْبِ إِذَا وَجَدَ خَمْرًا، أَوْ مَنْ غُصَّ بِلُقْمَةٍ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً يُسِيغُهُ وَوَجَدَ الْخَمْرَ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاحَهُ بِالْقِيَاسِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَبَاحَ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ إِبْقَاءً لِلنَّفْسِ وَدَفْعًا لِلْهَلَاكِ عَنْهَا، فَكَذَلِكَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ إِلَى الظَّاهِرِ، / وَالْقِيَاسُ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا يَشْرَبُ لِأَنَّهُ يَزِيدُهُ عَطَشًا وَجُوعًا وَيُذْهِبُ عَقْلَهُ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: لَا يَزِيدُهُ إِلَّا عَطَشًا وَجُوعًا مُكَابَرَةٌ، وَقَوْلُهُ: يُزِيلُ الْعَقْلَ فَكَلَامُنَا فِي الْقَلِيلِ الَّذِي لَا يَكُونُ كَذَلِكَ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: اخْتَلَفُوا إِذَا كَانَتِ الْمَيْتَةُ يُحْتَاجُ إِلَى تَنَاوُلِهَا لِلْعِلَاجِ إِمَّا بِانْفِرَادِهَا أَوْ بِوُقُوعِهَا فِي بعض
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست