responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 202
الْمُتَعَدِّي يَصْدُقُ بِكَوْنِهِ مُتَعَدِّيًا فِي أَمْرٍ مَا أَيَّ أَمْرٍ كَانَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُنَا: فلان غير معتدلا يَصْدُقُ إِلَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْبَتَّةَ، فَإِذَنْ قَوْلُنَا: غَيْرُ بَاغٍ وَلَا عَادٍ لَا يَصْدُقُ إِلَّا إِذَا انْتَفَى عَنْهُ صِفَةُ التَّعَدِّي مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَالْعَاصِي بِسَفَرِهِ مُتَعَدٍّ بِسَفَرِهِ، فَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ كَوْنُهُ غَيْرَ عَادٍ، وَإِذَا لَمْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَجَبَ بَقَاؤُهُ تَحْتَ الْآيَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنْ يُقَالَ: هَذَا يُشْكِلُ بِالْعَاصِي فِي سَفَرِهِ، فَإِنَّهُ يَتَرَخَّصُ مَعَ أَنَّهُ مَوْصُوفٌ بِالْعُدْوَانِ لَكِنَّا نَقُولُ: إِنَّهُ عَامٌّ دَخَلَهُ التَّخْصِيصُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ أَنَّ الرُّخْصَةَ إِعَانَةٌ عَلَى السَّفَرِ فَإِذَا كَانَ السَّفَرُ مَعْصِيَةً كَانَتِ الرُّخْصَةُ إِعَانَةً عَلَى الْمَعْصِيَةِ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنِ السَّفَرُ فِي نَفْسِهِ مَعْصِيَةً لَمْ تَكُنِ الْإِعَانَةُ عَلَيْهِ إِعَانَةً عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِيَ وَأَبَا بَكْرٍ/ الرَّازِيَّ نَقَلَا عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ أَيْ بَاغٍ عَلَى إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا عَادٍ بِأَنْ لَا يَكُونُ سَفَرُهُ فِي مَعْصِيَةٍ، ثُمَّ قَالَا. تَفْسِيرُ الْآيَةِ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فِي الْأَكْلِ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ شَرْطٌ وَالشَّرْطُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِمَذْكُورٍ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا مَذْكُورَ إِلَّا الْأَكْلُ لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ فَمَنِ اضْطُرَّ فَأَكَلَ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِالْأَكْلِ الَّذِي هُوَ فِي حُكْمِ الْمَذْكُورِ دُونَ السَّفَرِ الَّذِي هُوَ الْبَتَّةَ غَيْرُ مَذْكُورٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ ضَعِيفٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ قَوْلَهُ: غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ لَا يَصْدُقُ إِلَّا إِذَا انْتَفَى عَنْهُ الْبَغْيُ وَالْعُدْوَانُ فِي كُلِّ الْأُمُورِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ نَفْيُ الْعُدْوَانِ بِالسَّفَرِ ضِمْنًا، وَلَا نَقُولُ: اللَّفْظُ يَدُلُّ عَلَى التَّعْيِينِ وَأَمَّا تَخْصِيصُهُ بِالْأَكْلِ فَهُوَ تَخْصِيصٌ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، فَكَانَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، ثُمَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إِلَى الْأَكْلِ وُجُوهٌ أَحَدُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ حَالٌ مِنَ الِاضْطِرَارِ، فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ وَصْفُ الِاضْطِرَارِ بَاقِيًا مَعَ بَقَاءِ كَوْنِهِ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ كَوْنَهُ كَذَلِكَ فِي الْأَكْلِ لَاسْتَحَالَ أَنْ يَبْقَى وَصْفُ الِاضْطِرَارَ مَعَهُ لِأَنَّ حَالَ الْأَكْلِ لا يبق وَصْفَ الِاضْطِرَارِ وَثَانِيهَا: أَنَّ الْإِنْسَانَ يَنْفِرُ بِطَبْعِهِ عَنْ تَنَاوُلِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَاجَةٌ إِلَى النَّهْيِ عَنْهُ فَصَرْفُ هَذَا الشَّرْطِ إِلَى التَّعَدِّي فِي الْأَكْلِ يُخْرِجُ الْكَلَامِ عَنِ الْفَائِدَةِ وَثَالِثُهَا: أَنَّ كَوْنَهُ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ يُفِيدُ نَفْيَ مَاهِيَّةِ الْبَغْيِ وَنَفْيَ مَاهِيَّةِ الْعُدْوَانِ، وَهَذِهِ الْمَاهِيَّةُ إِنَّمَا تَنْتَفِي عِنْدَ انْتِفَاءِ جَمِيعِ أَفْرَادِهَا وَالْعُدْوَانُ فِي الْأَكْلِ أَحَدُ أَفْرَادِ هَذِهِ الْمَاهِيَّةِ وَكَذَا الْعُدْوَانُ فِي السَّفَرِ فَرْدٌ آخَرُ مِنْ أَفْرَادِهَا فَإِذَنْ نَفْيُ الْعُدْوَانِ يَقْتَضِي نَفْيَ الْعُدْوَانِ مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْجِهَاتِ فَكَانَ تَخْصِيصُهُ بِالْأَكْلِ غَيْرَ جَائِزٍ، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُخَصِّصُهُ بِنَفْيِ الْعُدْوَانِ فِي السَّفَرِ بَلْ يَحْمِلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَهُوَ نَفْيُ الْعُدْوَانِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَيَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْعُدْوَانِ فِي السَّفَرِ وَحِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ مَقْصُودُهُ. وَرَابِعُهَا: أَنَّ الِاحْتِمَالَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مُتَأَيِّدٌ بِآيَةٍ أُخْرَى وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ [الْمَائِدَةِ: 3] وَهُوَ الَّذِي قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْآيَةَ تَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ مَوْصُوفًا بِالْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ، وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِوُجُوهٍ أَحَدُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الْأَنْعَامِ:
119] وَهَذَا الشَّخْصُ مُضْطَرٌّ فَوَجَبَ أَنْ يَتَرَخَّصَ. وَثَانِيهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً [النِّسَاءِ: 29] وَقَالَ: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [الْبَقَرَةِ: 195] وَالِامْتِنَاعُ مِنَ الْأَكْلِ سَعْيٌ فِي قَتْلِ النَّفْسِ وَإِلْقَاءِ النَّفْسِ فِي التَّهْلُكَةِ، فَوَجَبَ أَنْ يُحَرَّمَ وَثَالِثُهَا:
رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَخَّصَ لِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً،
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 202
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست